مونتيسوري مصر- تقدمها مروة رخا

 

أتتني في منامي باكية منتحبة تمسح دمعة و تترك أخرى لتسقط على صفحة من ألبوم صور زفافها. سقطت دمعة على ساعته الذهبية الملتصقة برسغه – كم كرهَت تلك الساعة الرخيصة المقززة ببريقها المصطنع و لونها الفاقع. لا تليق به! لماذا لا يرى أنها لا تليق به؟ تذكَرت كيف أخذَتها منه مرارا و كيف عاود ارتدائها تكرارا!

قلَبت الصفحة و انتقلَت إلى صورة من صور شهر العسل. تذكرت يوم غرقا فى نهر الحليب و العسل. تذكرت ضحكاتهما مع كل فجر. تذكرت حضن الغروب و قبلة الشروق. تذكرت تشابك أصابعهم … و  مفترق الطريق. سقطت دمعة أخرى على نظارته الشمسية المقلدة – كم كرهَت تلك النظارة السوداء ذات الأذرع الجلدية و البرواز الفضى الصدئ. لا تليق به! لماذا لا يرى أنها لا تليق به؟ تذكَرت كيف أخذَتها منه و كيف لم يفهم سبب كراهيتها لها.

سقطت دمعة أخرى على دبلته الفضية و تسائلت عن سبب تعلقه الشديد بتلك الدبلة اللعينة. كلما رأته أخذَت منه دبلة فضية لا اسم لها و لا هوية، و كلما رأته وجدَته و قد اشترى لنفسه دبلة فضية جديدة. لم تفهم يوما احتياجه الدائم لأنثى في حياته – أى أنثى. لم تفهم يوما اعتماده النفسي على تلك الدبلة الصفيح التي لا ترمز لحب حالي أو ماضي و لا تعبر عن شئ سوى حالة حب من أجل الحب و حنين أنثوى للارتباط – الارتباط بأى شئ. لا تليق به! لماذا لا يرى أنها لا تليق به؟  أخذَت منه ثلاثة دبل فضية و لم يفهم يوما سبب رفضها لهم.

صورة الفرح التقليدية! العريس بجانب العروس و سط الأهل و الأقارب و ابتسامات بلهاء تعلو كل الوجوه! الألبوم اللعين بدأ يعزف مقطوعة الأفراح المسجلة بين صفحاته. سقطت دمعة أخرى على وجهها المبتسم بجانبه في الصورة و أدركت أنها لا تنتمي بجوار هذا الرجل و لا وسط هؤلاء الناس و لا في هذا الألبوم. أدركت أنها لا تشبهه – أو تشبههم – في أى شئ. كلهم يرتدون ساعات قميئة مثل ساعته و نظارات رخيصة مثل نظارته و ملابس مطرزة و مزركشة مثل ملابسه. لا! ليست أفضل منه و لا هو أفضل منها! لا يليق بها! لا تليق به! لماذا لم تدرك من قبل أنه لا يليق بها؟

"شكلهم مش لايق على بعض! شكلهم فيه حاجة غلط"

قفزت من ألبوم الصور و تركت مكانها فجوة بيضاء. هربت من سجنها الورقى بفستان زفافها الخيالي و زارتني في منامي. فتحت ألبوم الصور أمامي و بكت. ها هو بنفس ابتسامته الخافتة يردد نفس أغانيه الباهتة على مسامع عروس جديدة تشبهه. ها هو يرتدى ساعته الذهبية و دبلته الفضية و نظارته الشمسية في سعادة بالغة. ها هو يتأبط ذراع عروس جلست مكاني في ألبوم الصور … ها هو ينظر لها كما كان ينظر لي … ها هو يحرك شفتيه كما كان يحركهما أمامي … ها هو يردد على مسامعها نفس كلمات الحب … نفس نبرة الصوت … نفس كسرة العين … نفس الساعة المطلية … نفس الدقات الخاوية … نفس الزيف … نفس الدبلة الفضية!

"أنا انتمائي ليكي! أنا بحبك! أوعي تسيبيني!"

طار الألبوم من يدي بفعل الجاذبية السماوية و انتقل من كابوسي إلى حلم فتاة أخرى … ها هى تتصفحه و تجفف بقايا دموعي.

من هي مروة رخا؟
مروة رخا: موجهة مونتيسوري معتمدة دولياً من الميلاد حتى 12 عام. Marwa Rakha: Internationally certified Montessori educator from birth to 12 years.

بدأت “مروة رخا” رحلتها مع “نهج وفلسفة المونتيسوري” في نهاية عام 2011 بقراءة كتب “د. ماريا مونتيسوري” عن الطفل والبيئة الغنية التي يحتاجها لينمو ويزدهر. تلت القراءة الحرة دراسة متعمقة للفلسفة والمنهج مع مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري

“North American Montessori Center”