مونتيسوري مصر- تقدمها مروة رخا

عشرة أخطاء قد تقود طفلك إلى جحيم التحرش والاستغلال الجنسي

مروة رخا تكتب الحب ثقافة - Love Matters
مروة رخا تكتب للحب ثقافة: عشرة أخطاء قد تقود طفلك إلى جحيم التحرش والاستغلال الجنسي

قد تكون العديد من مظاهر التربية التي نمارسها على أطفالنا -بحسن نية- سبباً في تعرضهم لتجارب سلبية. في حين أن التربية السليمة قد تحمي أطفالنا من جرائم التحرش، أو ستقلل من تأثيرها عليهم.
صار القلق يراودنا جميعاً على أبنائنا خوفاً من أن يتعرضوا لتحرش أو اعتداءات جنسية، لأننا لمسنا أن هذه الحوادث قائمة ومتكررة، خاصة لأن العديد منها ظهر على السطح وصار محطاً للتركيز الإعلامي.

لن تنتهي هذه الجرائم في يوم وليلة، ولكن بالتربية السليمة يُمكن حماية طفلك من هذه الجرائم، أو حتى من تقليل آثارها عليه.

يكمن جزء كبير من المشكلة في ممارسات خاطئة نرتكبها مع تربيتنا، رغم أننا قد نؤدي هذه الممارسات بحسن نية، ونظن أنها تصرفات صحيحة.

قبل ذكر الأخطاء، أود أن أوضح أوجه الشبه والاختلاف بين التحرش والاستغلال الجنسي. الاثنان قد يتعرض لهما أبناؤكم أو بناتكم في أي مرحلة عمرية، والاثنان لا ذنب للطفل/ة فيهما.

الفرق الأساسي بينهما أن الاستغلال الجنسي قد يحدث برضاء ظاهري، لأن المعتدي يتعمد استغلال نقاط ضعف أو احتياج ما لدى الضحية – كالاحتياج للقبول، أو الصحبة، أو الحب، أو الاهتمام على سبيل المثال. أما التحرش –سواء لفظياً أو جسدياً– فهو فعل كالسرقة تماماً؛ يحدث خلسة أو عنوة!

أسماء الدلع

الخطأ الأول يبدأ في العام الأول من عمر الرضيع/ة ويستمر إن لم يتداركه الأهل. تسمية المناطق الحساسة بأسماء غير أسمائها الحقيقية يُسهل على المعتدي مهمته.

شهادات ضحايا الاستغلال الجنسي في العديد من القضايا المعروفة إعلامياً تظهر أن المعتدي يستخدم “بوبو” مثلاً بدلاً من “مؤخرة” أو “طيز”.

هكذا يتقرب المعتدي من ضحيته ويخفف من وقع جريمته لتتحول إلى لعبة “كيوت” في وعي الطفل/ة. لا تستخدموا كلمات مثل “توتة” و”كوكو” و”وي وي” وغيرها من “أسماء الدلع” بدلاً من الأسماء الحقيقية للأعضاء: الفرج! المهبل! القضيب! الخصية!

طلب الطاعة

الخطأ الثاني يبدأ في العام الثاني ويستمر لأعوام عديدة وهو طلب الطاعة! قبل أن تطلبوا من صغاركم الطاعة يجب أن تتعلموا وتدرسوا قدراتهم أولاً!

هل تعلمون أن الأطفال أقل من ثلاث سنوات غير قادرين على الطاعة لأن الجزء المسؤول عن التحكم بالرغبات والنزعات والمشاعر لم يكتمل بعد؟ هل تعلمون أن الأطفال في هذه المرحلة ينفذون فقط ما يحلو لهم من أوامر؟ هل تعلمون أن فضولهم ورغبتهم في الاستكشاف أقوى من أي عقاب أو تحذير؟

هل تعلمون أن الأطفال ما بين ثلاث وست سنوات يطيعون الكبار من باب الحب والرغبة في الإرضاء أو الخوف وتجنب العقاب؟ هل تعلمون أنهم يبدأون اختيار فعل الصواب عن وعي من بعد السابعة ومثلهم مثلنا جميعاً يظلون معرضين للخطأ لأنهم بشر؟

إصراركم على الطاعة بالعقاب النفسي أو البدني يكسر الصغار ولا يعلمهم سوى فقدان الثقة بكم والخوف من البالغين بصفة عامة. يستغل المعتدي عزلتهم وضعفهم ومخاوفهم ومشاعرهم السلبية تجاهكم. يدرك المعتدي أن لا صوت لهم يغيثهم ولا ظهر لهم يحميهم.

نقص تقدير الذات

الخطأ الثالث هو إصابة الصغار بفقر تقدير الذات! من لا يقدر ذاته يشعر بالدونية وعدم الاستحقاق.

يشعر الطفل كذلك بأنه لا يستحق الحب أو الاحترام أو الاهتمام. يشعر بأنه غبي وضعيف. تُرى هل يمكن لطفل أو طفلة بهذه الصورة المشوهة عن نفسه/ا حسن اختيار الأصدقاء؟ حسن التصرف في المواقف التي تستدعي الصراخ أو الفرار أو المواجهة؟

الثقة المفرطة

الخطأ الرابع هو الثقة المفرطة في الأهل والأصدقاء وأطفالهم، في المربيات والسائقين، في المدرسين والجيران. من قال إن المتحرش أو المتربص يجب أن يكون غريباً؟ أو ذكراً؟ أو شاباً؟ أو غير متعلم؟ أو شخص بالغ؟

المتحرش قد يكون قريباً من الدرجة الأولى أو جاراً في منزلة الأخ أو صديق في منزلة الابن.

غياب التربية الجنسية

الخطأ الخامس هو الجهل بالتربية الجنسية. هل يعرف أطفالكم الأسماء العلمية للأعضاء التناسلية؟ هل يعرفون وظيفتها؟ هل يعرفون حالتها الطبيعية من حيث الشكل والملمس والرائحة – وإلا كيف تتوقعون أن يعرفوا عند إصابتهم بمرض أو كيف يطلبون المساعدة الطبية؟

ماذا يعرفون عن التزاوج والتخصيب والتكاثر؟ ماذا يعرفون عن تغيرات الجسد أثناء البلوغ؟ ماذا يعرفون عن أمور طبيعية كالدورة الشهرية أو الاحتلام مثلاً؟ ماذا يعرفون عن حجم القضيب الطبيعي أو إفرازات المهبل الصحية أو شكل الثدي الطبيعي وملمسه؟

هذه الأشياء يتعلمها الطفل بالتدريج ما بين الميلاد والبلوغ – قبل انتهاء العام الثالث عشر!

التمسك بالخرافات

الخطأ السادس هو التمسك بالخرافات. هل تعلمون أنه من الطبيعي أن يستكشف الصغار أجسادهم بداية من العام الثاني؟ من الطبيعي أن يشعروا بالانبساط عندما يلمسون أياً من المناطق الحساسة؟ هذه المشاعر لا تعبر عن الشهوة أو النشوة! الجلد بطبيعة الأمر حساس للمس وجلد المناطق الحساسة أكثر حساسية من باقي الجسد.

هل تعلمون أن ممارسة العادة السرية باعتدال وبدون إدمان ليست لها آثار سلبية على الشباب أو الشابات؟

هل تعلمون أن عقاب الطفل/ة عند “إمساكهم متلبسين” باستكشاف الجسد سيحولهم مع الوقت إلى بالغين مهووسين بالجنس والعادة السرية، كارهين لأنفسهم وأجسادهم، مثقلين بمشاعر الذنب! هل تعرفون أن هذه هي بداية العزلة النفسية التي يستغلها المعتدي؟

الجهل بجسد الآخر

الخطأ السابع هو التعتيم المتعمد على كل ما يختص بجسد الآخر. هذا الخطأ مرتبط بخطأ الخرافة السابق وامتداد له. هل تعلمون أنه من الطبيعي أن يرى الطفل جسد الأم والأب والأخوات حتى أربعة أعوام؟ باقتراب الطفل من نهاية عامه الرابع سيبدأ “تغطية نفسه” بصورة تلقائية – عندها يعرف الأهل أنه أدرك عورته وأنه وجب عليهم تغطية أنفسهم أمامه.

أما الحرص المبالغ فيه على إخفاء شكل جسد الأنثى على الذكر وشكل جسد الذكر على الأنثى لا يؤدي إلى الحياء كما تظنون. سيصبح هذا التعتيم والتجهيل وقود الفضول وحطب الصدمات والرهان الكسبان للمتحرش أو المستغل جنسياً.

هل تعلمون أنه من واجبكم تعليم الأطفال المقبلين على البلوغ التغيرات الجسدية المتوقعة على أجسادهم وعلى أجساد الجنس الآخر وكيف يصير الطفل شاباً وكيف تتحول الطفلة إلى شابة والفرق المعنوي بين الشاب والرجل وبين الشابة والمرأة؟

التهديد بالعقاب

الخطأ الثامن هو الاستغلال الخاطئ لكارت الدين والخوف من الله. عباءة الحرام والحلال أصبحت فضفاضة وامتزج الدين بالموروثات الثقافية والخرافات الشعبية فنتج عن هذا عنف لفظي ونفسي وجسدي موجه للكثير من الأطفال بسبب استكشاف أجسادهم أو فضولهم الطبيعي تجاه أعضائهم أو أجساد الآخر.

من الطبيعي والصحي تعليم الأطفال أنه غير مسموح لأحد أن يرى أو يلمس أو يتحدث عن الأجزاء الخاصة التي تغطيها الملابس، ولكن ليس من الصحي في شيء تهديد الأطفال بالعذاب والعقاب وما إلى ذلك. إذا شعر الطفل أنه مغضوب عليه من الله ومن الأهل، سيسلم عقله وقلبه وجسده لمن يقول إنه يحبه ويقبله!

المبالغة

الخطأ التاسع هو المبالغة في رد الفعل. إذا كسر الصغار شيئاً ما، إذا اتسخ أو قُطع أو فُقد شيء ما، إذا أخطأ الطفل، إذا كذب بدافع الخوف، إذا سرق لأنه لم يستطع السيطرة على رغبة التملك، إذا رسب.

من الطبيعي أن تشعروا بالضيق وتعبروا عنه، لكن المبالغة في رد الفعل مرة بعد المرة ستبني جداراً عازلاً بينكم وبين أطفالكم يمنعهم من البوح والمصارحة والمشاركة والاستشارة.

الخذلان المتكرر

الخطأ العاشر هو الخذلان – الخذلان المتكرر حتى تُحرق جسور الثقة والعشم.

يأتي إليكم صغاركم لتنصفوهم أو تدعموهم أو تعذروا ضعفهم وصغر سنهم وقلة خبرتهم فيصطدموا بأوجه الخذلان المتعددة كاللوم، عدم المبالاة، السخرية، العقاب، التأنيب، الفضيحة، عدم الإنصات، عدم التفهم، الجمود، الصراخ، تصديق الطرف الآخر لأنه كبير أو قريب أو صديق أو “مش ممكن يعمل كده” أو “البيت هيتخرب”… إلخ

إدمان لوم الأطفال سواء كان اللوم بالقول المباشر أو بالنظرات ولغة الجسد هو الرصاصة المجازية التي أطلقتموها في قدمكم! مع الوقت يصبح صوتكم اللائم وكأنه نابع من داخل الطفل/ة حتى في عدم وجودكم.

في حالة التعرض للاعتداء، ستغرق الضحية في لوم الذات ثم ستخاف من العقاب والفضيحة والشماتة. ستصمت الضحية وسيكرر المعتدي فعلته.

ما العمل؟

إذا تعرض/ت الطفل/ة للتحرش أو الاستغلال الجنسي، ما العمل؟ اتفق العديد من المتخصصين على هذه الخطوات:
  • وقف الاعتداء بجمل مثل: لا تلمس (اسم المنطقة الحقيقي)! ليس من حقك أن (اسم الفعل الحقيقي)! سأخبر (شخصاً بالغاً) ولا يهمني شيئاً!
  • الصراخ في وجه المعتدي.
  • الهروب من المعتدي.
  • إخبار (شخص بالغ) عن محاولة التحرش بالقول أو الفعل.
أما إذا وقع الاعتداء، فالمطلوب من الطفل/ة مصارحة الأهل ليتمكنوا من اتخاذ الإجراءات المناسبة لحمايته من تكرار الاعتداء أو ملاحقة المعتدي قانونياً، وكذلك مساعدة الضحية نفسياً على النجاة من آثار الصدمة والمشاعر السلبية المصاحبة للانتهاك.

راجعوا الأخطاء العشرة ثم انظروا للنصائح السابقة: كيف يمكن لإنسان صغير نٌزع عنه سلاح المعرفة، كُسرت شوكته، سُلب صوته، فَقد احترامه لنفسه، تملكه الخوف، تمكن منه الجهل الجنسي والتعتيم والخرافة والفضول، يشعر أن ما يحدث له هو عقاب إلهي مستحق، اعتاد العزلة والخذلان – كيف يمكن لهذا الإنسان اتباع أي من إرشادات حماية الأطفال من التحرش والاستغلال الجنسي؟

كيف يمكنه أن يقول “لا”! كيف يمكنه عدم الخضوع لابتزاز أو تهديد؟ كيف يمكنه التفرقة بين اللمسة الطيبة الحنون واللمسة الخبيثة المغرضة؟
من هي مروة رخا؟
مروة رخا: موجهة مونتيسوري معتمدة دولياً من الميلاد حتى 12 عام. Marwa Rakha: Internationally certified Montessori educator from birth to 12 years.

بدأت “مروة رخا” رحلتها مع “نهج وفلسفة المونتيسوري” في نهاية عام 2011 بقراءة كتب “د. ماريا مونتيسوري” عن الطفل والبيئة الغنية التي يحتاجها لينمو ويزدهر. تلت القراءة الحرة دراسة متعمقة للفلسفة والمنهج مع مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري

“North American Montessori Center”