سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات وشهادة المونتيسوري للطفولة المبكرة حتى 6 سنوات وشهادة مرحلة الابتدائية من 6-9 ومن 9-12 من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الرابع
مروة رخا تكتب لمصر العربية: كيف ينمو الطفل من الميلاد حتى عامه الرابع والعشرون؟
خلافا لنظريات التعليم التقليدية التي تقدم مناهج ثابتة للأطفال وكأن نموهم يحدث في خط طولي تصاعدي ثابت في جميع المجالات من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، أسست ماريا مونتيسوري عملها على مصطلح “مستويات النمو”. وهذا يعني أنه منذ الولادة وحتى سن البلوغ نحن لا ننمو ونتعلم في جميع جوانب الحياة بطريقة متناسقة ثابتة؛ نمو الطفل يحدث في موجات ومع كل موجة يمكنه بسهولة معرفة واكتساب بعض المهارات والقدرات إذا أعطيت له الفرصة والنشاط المناسب.
مستويات ماريا مونتيسوري للنمو تنقسم إلى عدة مراحل: من سن 0-6 ومن 6-12 ومن 12-18 ومن 18-24 ويستند نهج المونتيسوري على دراسة كل مستوى من هذه المستويات وتطوير الأنشطة والمواد والأدوات اللازمة لإتاحة أكبر فرصة للتعلم والإدراك.
هذا يعني ان هناك وقت مناسب يستطيع الطفل أن يتعلم الأرقام والأبجدية ووقت أخر يمكنه استخدام معلوماته تلك في اجراء عمليات حسابية بسيطة، تكوين كلمات مكتوبة، أو القراءة. مثلا اكتشفت ماريا مونتيسوري أنه من الأسهل للطفل تعلم الكتابة قبل القراءة وقبل الامساك بالقلم. إذا اتحيت للطفل في عمر 36 شهر الفرصة للتعرف على كل حرف من خلال ادراك الصوت الذي يصدره سوف يضع بصورة تلقائية حروف خشبية أو مغناطيسية بجوار بعضها البعض ويحاول نطقها. وإذا لعب بالأشكال الهندسية سيدركها جميعا بسهولة وإذا اتيحت له الفرصة للتعامل مع البذور وزراعتها سيفهم مراحل حياة النباتات بكل سلاسة وإذا قام بتربية دودة القز سيدرك دورة حياتها قبل أن يتم عامه الرابع.
أهم مستوى من مستويات النمو تلك هو المستوى الأول (من سن 0- 6) وينقسم المستوى الأول إلى مرحلتين من سن 0-3 و من سن 3-6. أطلقت ماريا مونتيسوري على هذه المرحلة فترة “العقل الماص” لأن الطفل يدرك ويتعلم من خلال امتصاص كل شئ حوله عن طريق حواسه وقدرته الفائقة على الملاحظة. يمتص الطفل اللغة والسلوكيات والأخلاق وطريقة عمل العلاقات من حوله وطبيعة العلاقة بين الأشخاص أو الأشياء كما يدرك خواص الأشياء وصفاتها من خلال رؤيتها، لمسها، سماعها، تذوقها، وشمها. كلما تعددت تجارب الطفل الحياتية في تلك المرحلة كلما نتج عنها عقل ثري واستيعاب أسرع وأسهل للمعلومات في المستقبل.
الطفل تحت الثلاث سنوات يعيش بداخل رأسه؛ لا يرى المحيطين به كيفيه تخزينه للمعلومات أو كيفية انتقائها! لا يمكنك أن تعلمه أي شئ إلا إذا بادر هو بذلك – لن يتعلم الأرقام إلا إذا سأل عنها! لن يتعلم الفرق بين اليوم والأمس والغد إلا إذا رأى نبتة كانت بذرة أمس وظهر لها جذور اليوم وسوف تصير نبتة غدا. إذا أردت أن تعلم هذا الطفل آداب الحوار أو آداب الطعام أو التحية أو التحدث بصوت هادئ يجب عليك أن تكون هذا الشخص لأن الطفل يمتص سلوكك.
أول درس للطفل في الحب واحترام الأسرة وأسس العلاقة بين الرجل والمرأة يتلقاه في المنزل عندما يمتص عقله النظرات واللمسات بين أبيه وأمه وعندما يستمع إلى حوارهما أو صمتهما وكلما قرأ الفرق بين الوجه السعيد والوجه الحزين في وجوههما! يستطيع الطفل دون السادسة امتصاص الحب والحنان والاحترام والسلام كما يستطيع امتصاص الغضب والقهر والألم والعنف في بيئته.
يستمر الأطفال من 3-6 سنوات في مرحلة “العقل الماص” ولكنهم أكثر ميلا نحو الامتصاص الواعي؛ يدركون أن لديهم خيارات ويريدون أن يكونوا أصحاب رأي وقرار كما أنهم ينجذبون إلى الأنشطة التي تعطيهم شعور بالرضا وتحقيق الذات. هذا هو السن المناسب لتقديم أنشطة تعليمية تلائم ميولهم وتراعي الاختلافات الفردية بين طفل وآخر.
الأطفال في المستوى الأول من النمو، يسيطر “العقل الماص” على تشكيل انطباع أولي ودائم عن العالم والعلاقات من حولهم من خلال بيئتهم وتنوع خبراتهم. وشددت ماريا مونتيسوري على أهمية الجمال والانسجام، والنظام، والسلام في بيئة صديقة للطفل. إذا كانت البيئة معادية للطفل، سوف ينمو ليصبح عدواني تجاه البيئة المحيطة به.
شاهد جميع فيديوهات مونتيسوري مصر هنا
اقرأ جميع مقالات مونتيسوري مصر لمروة رخا هنا
اقرأ جميع مقالات التعليم المنزلي هنا