ك*م التربية!
مروة رخا
هبت علينا مثل زوبعة من الغيوم عندما فتحت الباب كالعاصفة المتشحة بالسواد ثم صفعته خلفها وكأنه رجل خائن قليل الأصل! ارتجفت في خوف وأنا أراقب يدها تمد داخل حقيبتها! بدأت في البكاء الصامت وأنا أنظر إلى مسطرتها الخشبية البنية الطويلة! زأرت اللبؤة آمرة إيانا بالوقوف في أماكننا وفتح أيدينا! كان أحمد سمير يجلس في الصف الأول في المقعد الأول وكان أول من ارتطمت المسطرة الخشبية بكف يده اليمنى مرتين ثم نزلت على كف يده اليسرى مرتين! صرخ! بكى! ثم انهار جالسا يئن في صمت كما اليتيم اللطيم! لم أنظر مرة أخرى نحو الصف الأول! وقفت في مكاني أتمنى الموت مثل كل مرة ومثل كل مرة جاء دوري ولم أمت! لم أعتد أبدا صوت ارتطام الخشب بالكف الصغير! حملت خلايا جسدي ذكريات القهر والظلم والعنف ورسخت في ذاكرتي سنوات إهدار الكرامة في هذا الملجأ التعليمي الكبير! لم أنس أبدا رد أبي في كل مرة شكوت فيها: "خليهم يربوكم"!
أتذكر أول إضراب لي! كنت في العام الثالث الابتدائي وكان عمري وقتها ثمان سنوات وكانت أول سنة دراسية نأخذ فيها مواد اجتماعية وجدول الضرب ونحو وعلوم بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية. كنت دائما أجلس في أبعد مكان عن المدرسة وأبعد مكان عن الباب وأقرب مكان للشباك وكنت دائما أحلم بحياة غير حياتي وأشخاص غير الأشخاص ولم أتوقف عن أحلام اليقظة تلك سوى في الجامعة.
You must be logged in to post a comment.