لا ترسل طفلك إلى الحضانة! أيوة أنا معقدة! تم نشر المقال أولاً على موقع إضاءات في يوليو 2017 حاولت الإمساك بالعصى من منتصفها كلما سألتني أم عن إيداع طفلها أو طفلتها بإحدى دور الحضانات. في البداية كنت أنصح بالانتظار حتى ثلاث سنوات، ثم نصحت الأمهات باتباع استعداد الطفل، إذا رحب الطفل بالخطوة، كان بها، ولكن إذا بكى، فيجب تأجيلها. ظلت الأمهات يحاصرنني بالأسئلة حتى أعلنتها صراحة: أنا لا أحب الحضانات! الأصل في المونتيسوري هو الحضانة هذه حقيقة! نهج المونتيسوري خلال السنوات الست الأولى من عمر الطفل مخصوص للحضانات. أعترف بهذه الحقيقة وهي جزء من رفضي للحضانات. دراستي لنهج المونتيسوري من أساسيات رفضي لذهاب الطفل للحضانة، وهذه هي الأسباب: أولاً: حالة الأطفال في الحضانات الطفل الباكي كلما مررت بجانب حضانة، وكلما دخلت حضانة، حاصرني صوت الطفل الباكي. طفل أو أكثر يبكون بكاءً مريرًا. أتخيل شعورهم بالهجر والقهر والحزن، وأشعر باختناق ورغبة ملحة في الابتعاد قدر المستطاع عن مصدر الصوت. ليس من الطبيعي أن يكون الأنين جزءًا من الطفولة! الطفل المُهمَل يتطلع إليَّ الطفل المُهمَل بوجه جفت عليه الدموع وتركت خطوطًا غامقة على الخدود الذابلة. أراه جالسًا في ركن لا يحدثه أو يلعب معه أحد. من آن لآخر تنتبه له المدرسة لتنادي اسمه بصوت آمر: «تعالَ هنا»! قد يأتي إلى حيث أمرته، وقد يجلس وسط الأطفال، ليشرد مرة أخرى بعقله بعيدًا عن واقعه هذا. لا يتحدث ولا يشارك. الطفل المغصوب هذا الطفل مجبر على أن يمارس أنشطة بعينها في وقت بعينه. يريد أن يخرج إلى الحديقة ولكنه مجبر على الجلوس بالفصل. يريد أن يرسم ولكنه مجبر على العد. يريد أن يغني ولكنه مجبر على ترديد الكلمات. قد يُنفذ الطفل المطلوب منه، ولكنه يعود إلى المنزل ليدمر ويصرخ ويتمرد، لقد استنفد رصيد الطاعة في الحضانة! قد يرفض الطفل المطلوب منه، ويتحول الأمر إلى صراع غير متكافئ القوى بينه وبين معلمته! الطفل المتنمر هذا طفل تعرض للضرب والإهانة في البيت والشارع والحضانة، والآن هو أصبح طفلًا يعتدي على الأطفال الآخرين. قد يضربهم وقد يعضهم وقد يتحرش بهم تحرشًا جنسيًّا، وقصص الأمهات على الجروبات الخاصة تشهد! ثانيًا: بعض التفاصيل الأخرى السبوبة كل من هب ودب، ويريد تجارة رائجة، يقرر أن يفتح حضانة. مكان ما، وبضع ألعاب، وكم مُدرسة، ودعاية وملصقات، وها أنت أمام حضانة! إذا أراد صاحب الحضانة أن يبيع الاشتراك الشهري بأكثر من 1000 جنيه، فقد يعين مدرسات يجدن اللغة الإنجليزية، وإذا أراد أن يكون الاشتراك أكثر من 1500، فقد يضيف وجَبات. أما إذا أراد تخطي الـ2000 الجنيه، فقد يعلن عن حضانته كحضانة مونتيسوري لتبدأ الأسعار من 2500 جنيه حتى 4000 جنيه. عدد المدرسات للأسف، أنا درست أن في فصول الأطفال من سن ثلاثة أشهر حتى عام تكون كل مُربية مسئولة عن طفل واحد وتكون أمه البديلة؛ ترضعه وتهزهزه وتغني له وتحمله وتلاعبه. وللأسف أيضًا، تعلمت أن من سن سنة إلى ثلاث سنوات كل مدرسة تكون مسئولة عن طفلين أو ثلاثة كحد أقصى، هكذا يمكن للمدرسة رعاية الطفل والإشراف عليه وحمايته ومراقبته وتنمية مهاراته. درست أيضًا أنه يجب ألا يختلط الأطفال من أعمار متفاوتة، 2 و5 مثلًا، وأنه يجب ألا يترك الأطفال بدون إشراف ومراقبة وتدخل مباشر في حالات الاعتداء أو التنمر. مؤهلات المدرسات أين درست المُدرسة أنه من الطبيعي أن يُترك الطفل يبكي؟ من الطبيعي أن يُجبر الطفل على الجلوس ويُمنع من الحركة والكلام؟ من الطبيعي أن يتعلم كل الأطفال الشيء نفسه في الوقت نفسه؟ من الطبيعي أن يتعلم الطفل غصبًا عنه؟ من الطبيعي عقد المقارنات بين الأطفال؟ من الطبيعي المساومة على الحب والاحترام؟ من الطبيعي أن يكون صوت المُدرسة عاليًا يصم الأذن؟ الغرف المغلقة يتصرف مالك الحضانة تمامًا مثلما أتصرف أنا في بيتي! أدواتي الثمينة الغالية المستوردة المشحونة «المتجمركة» لا يمكن أن أتركها لعبث الأطفال. ابني يعرف جيدًا كيف يتعامل مع الأدوات، ولكن غير مسموح لأي طفل آخر الوجود في منزلنا بالقرب من الأدوات. هكذا يتصرف صاحب الحضانة. هناك بالفعل أدوات مونتيسوري في الحضانة، ولكنها مخفية وغير متاحة للأطفال في أي وقت. قد يتاح بعضها فقط، وقد يتاح بعضها بعض الوقت فقط! معضلة الأدوات أدوات المونتيسوري جميلة ومميزة، ولكن الكثير من الحضانات لا تفقه شيئًا عن الفلسفة. متى تقدم النشاط؟ كيف تقدم النشاط؟ عدد الأطفال المقدم لهم النشاط؟ تداول النشاط بين الأطفال؟ طقوس بدء النشاط وإنهائه؟ مكان عرض النشاط؟ طريقة تعامل الطفل مع النشاط؟ مدى إتاحة النشاط للطفل؟ ثالثًا: أكذوبة المهارات الاجتماعية واللغوية لا أعلم تحديدًا مصدر هذه الخرافة. هل هم أصحاب الحضانات؟ هل هن الأمهات اللاتي هجرن أطفالهن في دور الرعاية تلك؟ هل هم الأطباء؟ لا أعلم! الحقيقة أن الطفل يتطور لغويًّا واجتماعيًّا عندما يعيش في بيئة تشجع التواصل والحوار مع مختلف الأشخاص من أعمار مختلفة. أمه تخاطبه وتلعب معه. والده يخاطبه ويلعب معه، جده وجدته وخالاته وعماته وأقاربه وجيرانه وزملاؤه في النادي والنشاطات الاجتماعية يتفاعلون معه ويشجعون تفاعله معهم. هناك بالطبع ظروف اضطرارية قد تضطرك إلى ترك طفلك في الحضانة: الحاجة المدقعة للعمل إدمان التليفزيون الاضطرابات النفسية الاكتئاب الشديد العجز الجسدي عن رعاية الطفل ما هو بديل الحضانة؟ إجابة هذا السؤال بسيطة. دورك كأم، أو أب، هو فهم احتياجات الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة. هناك احتياجات شديدة وملحة للحب والاحتضان والضحك والاستكشاف الحر. هناك أيضًا احتياج أساسي للطبيعة؛ الشمس والهواء والسماء والزرع والزهور والحيوانات المختلفة. لتلبية هذه الاحتياجات المطلوب هو الاهتمام بالتواصل الشخصي مع الطفل واللعب معه والاستمتاع حقًّا بوجودكما سويًا. المطلوب أيضًا هو قضاء أكثر من 80% من الوقت في الحدائق أو النادي أو المزرعة. أما بالنسبة للمهارات، فعليك التركيز على ست مهارات أساسية في هذه المرحلة: الحركية، العقلية، الاجتماعية، الحسية، اللغوية، ومهارات الحياة العملية. المهارات الحركية أفضل طريقة لتنمية مهارات الطفل الحركية هي إتاحة الفرص اليومية أمامه للمشي والجري والقفز والتسلق. أما بالنسبة لمهارات الأصابع واليد، فاتركيه يحفر ويعصر ويركب ويفك ويفتح ويغلق. دعيه يطور نفسه بأدوات بسيطة مثل الجبس والصلصال والفخار والعجين والرسم الحر بالأصابع. المهارات العقلية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحرية الحركة والاستكشاف. ذكاء الطفل يكمن في يديه وأصابعه. لا تضربي اليد الصغيرة المستكشفة أبدًا ولا تقيديها. المهارات الحسية مرتبطة بالخروج للطبيعة، أفضل الملامس والروائح والألوان والأصوات متوفرة في الطبيعة. المهارات اللغوية تحتاج منك أن تغلقي التليفزيون وكل الوسائل الإلكترونية وتتحدثي مع الطفل بجمل سليمة واضحة وتشجعي محاولات تواصله معك. مهارات الحياة الاجتماعية هي أفضل طريقة لقضاء الـ20% المتبقية من الوقت داخل المنزل. لا تمنعي الطفل من مساعدتك في التلميع والترتيب وإعداد الطعام والمائدة. هذه المهارات هي أساس نهج المونتيسوري. المهارات الاجتماعية تحتاج زيارات طويلة متكررة للأهل والأصدقاء والجيران. يتعلم الطفل مهارات التواصل الاجتماعي من خلال ملاحظتك. كيف تتعاملين مع الأشخاص من حولك؟ البواب؟ الزبال؟ الحارس؟ البائع؟ المنادي؟ الجيران على السلم؟ يتعلم الترحيب بالضيف وآداب الطعام والمائدة وغيرها من المهارات بالمراقبة. لا يهم ما تقولينه، المهم ما تفعلين، أنت قدوة! أما بالنسبة للتواصل مع الأطفال، الحجة الأساسية لذهاب الطفل للحضانة، فيمكنك تحقيقها من خلال التعرف على الأمهات والأطفال في النادي، أطفال العائلة، الأنشطة الجماعية، والخروجات المرتبة مع أمهات لهن أطفال. الطفل أقل من ثلاث سنوات يلعب بالتوازي مع الأطفال الآخرين بدون مشاركة حقيقية كما في مفهوم الكبار. من بعد ثلاث سنوات يبدأ الطفل في اللعب مع الأطفال، وتزداد مهاراته مع الوقت. لا يحتاج الطفل لرؤية الأطفال كل يوم، ولا يحتاج أن يقضي معهم وبينهم أغلب ساعات يومه. مرتان في الأسبوع لعدة ساعات كافية لإرضاء هذا الجانب من احتياجات الطفل. المهم هو ألا نعزل الطفل في عالم الأطفال؛ يحتاج الطفل للتواصل مع جميع الأعمار وجميع الفئات حتى ينمو لديه الوعي الاجتماعي السليم.