مخ و مخاصى
أم آدم (مروة رخا سابقا)
وقفت أمام باب ثلاجتى المفتوح فى حيرة و تردد بالغين؛ قلبت أصابعى بتململ بالغ بين الأكياس الملفوفة و العلب المغلقة و الأطباق المغلفة و تأففت من كل ما وقعت عليه عيني! ثلاجتى مثل ثلاجة بيتك … أيوة بيتك أنت!
"دى أول مرة أطبخ لحبيبى و لازم أعمل أكلة حلوة عمره ما أكلها عند حد قبل كدة … أكلة جريئة و مختلفة زى حبى له … و حبه لى!"
فتحت الفريزر و احترت؛ صدور الديك الرومى؟ فراخ مخلية؟ كبد و أوانص؟ لحم مفروم؟ كلب ساخن "هوت دوج"؟
"أيوة! لقيتها! أنا عرفت هطبخ ايه!"
وضعت طاستى المفضلة ذات الطبقة العازلة المضادة للالتصاق على العين الهادئة و قدحت نقطة زيت جوز الهند خالى الدسم. بكل حب مسحت قطرة دماء سالت على جانب وجهى الأيسر – كادت تسقط بكل وقاحة فى وسط طاستى المفضلة!
بعناية فائقة اخرجت قطعة صغيرة جميلة من مخى و أمسكت بها بين أصابعى ثم ألقيت بها فى طاستى المفضلة.
تش!
أممم!
رائحتها ذكية!
لم أتأثر و لم أفتقد تلك القطعة من عقلى … لازلت أحبك! مازلت أفكر فيك!
توالت القطع الصغيرة الجميلة الارتطام بسطح طاستى الجميلة واحدة تلو الأخرى و ملأ صوت الشياط أذناى … لم أعد أسمع … لن أستمع إلى حكاياتك الشيقة بعد الآن!
سقط الجانب الأيسر من مخى بالكامل على السطح الأملس الساخن … اختل توازنى … فقدت السيطرة على ملعقتى الخشبية … سقطت الملعقة على الأرض وسط بركة صغيرة من الدماء باتت تكبر.
بهدوء بدأت فى تقليب مخى الشهى فى طاستى المفضلة بأصابع يدى اليسرى … لا يحرقنى اللهب! ذرة ملح و القليل من الفلفل الأسود مع بعض الزعتر و السماق و فرع كزبرة خضراء .. ملعقة دبس الرمان و ملعقة صغيرة عسل النحل المجفف و بعض حبات أكل القطط الجاف!
غرست شوكة صغيرة فى وسط المزيج الملتهب على طاستى المفضلة … التقطت قطعة من مخى غنية بالعصارة و التوابل و مشيت ببطئ نحو غرفتك حتى لا يسقط الجانب الأمين من مخى على البلاط فتتناثر قصة حبنا أمام البشر المتطفلين.
وقفت عند الباب اتأملك … كم أنت جميل! كم كنت حالم! أنت الآن صامت … لقد جحظت عيناك و تجمدت سيجارة ولدتك أمك بها بين شفتاك. بهتت ألوانك … أنت الآن كأبطال الأفلام القديمة … أبيض و أسود … كلاسيكى جميل! آه من الحنين!
"دوق كدة و قول لى لو ناقص حاجة … دى أول مرة أطبخ لكن أوعدك المرة الجاية مش هتشم ريحة شياط. دوق! "
لم تفتح فمك … لم تقترب منى … لم تحرك رأسك … اقتربك أنا منك لكن سقطت الشوكة من يدى … سقطت قطعة من مخى بين ساقيك … سقط الجانب الأيمن من مخى على حجرك و تذكرت"
"المخاصى … أنا كنت باعمل طاجن مخ و مخاصى … فين المخاصى راحت؟"
You must be logged in to post a comment.