fbpx
مونتيسوري مصر- تقدمها مروة رخا

مروة رخا تكتب لمصر العربية: عندما يتغلغل اليأس في قلب الأم

كتبت مروة رخا لمصر العربية مقالات مونتيسوري مصر. أكثر من 150 مقال بلغة سهلة عن فلسفة المونتيسوري وتربية الأطفال.

سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر

تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات وشهادة المونتيسوري للطفولة المبكرة حتى 6 سنوات وشهادة مرحلة الابتدائية من 6-9 ومن 9-12 من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)

المقال الـ160

عندما يتغلغل اليأس في قلب الأم!

لقد اعتذرت عن الكتابة الأسبوعين الماضيين ولم أكن متأكدة أني سأستطيع الكتابة هذا الأسبوع. السبب هو وحش اليأس الذي تغلغل في نفسي وبدأ يلتهم شغفي وحماسي حتى بدأت أغرق في دوامة من دوامات الاكتئاب التي تجتاحني من حين لآخر.

يصنف المجتمع بكل وضوح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وفقاً للتحدي الذي يتعايشون معه سواء كان مشكلة بالحركة أو السمع أو البصر أو القدرات العقلية وهناك أيضا تصنيف أخر للسلوكيات مثل فرط الحركة ونقص الانتباه وسمات التوحد. هناك فئة أخرى من الناس تعاني في صمت مع أبنائها بسبب صعوبات التعلم والمعروف منها الآن في مصر هو الديسلكسيا.

أما أنا، فقد رزقت بطفل جميل شكلاً وموضوعاً ويتسم بالعديد من الصفات الحميدة التي تتمناها الكثير من الأمهات في أطفالهن ولكن الكمال لله وحده. أنا أحاول أن أتعايش مع إحدى المشكلات التي تؤثر على نمو الأطفال بشكل طبيعي. الاسم العلمي لهذه المشكلة هو ديسبراكسيا dyspraxia ويقول البعض أن سببها وراثي والبعض الأخر لم يحدد سببها.

تختلف حدة الإصابة من طفل لآخر والحمد لله، درجة الإصابة لدى آدم بسيطة وبالرغم من هذا فهي مازالت قائمة وتقف عائق بينه وبين قدرته على التعبير عن نفسه بلغة مفهومة. تؤثر الديسبراكسيا سلباً على مهارات الطفل الحركية وعلى مهاراته اللغوية وخاصة النطق وعلى قدرته على تعلم اللغات وعلى قدرته على الإمساك بالقلم والكتابة.

كلما كبر صغيري كلما زادت التحديات وكلما زادت الضغوط عليه وعليّ وكلما زاد قلقي وخوفي من المستقبل. في الفترة السابقة اهتزت رؤيتي وقدرتي على التركيز ولم أعد أعرف الخط الفاصل بين احترام قدرات الطفل وأن “أخره كدة” واحترام حق الطفل في الوصول بهذه القدرات لمنتهاها.

مشكلة مثل الديسبراكسيا لا تزول من تلقاء نفسها مع تقدم العمر ولكنها تحتاج إلى تدريبات كثيرة جدا رياضية لتقوية تلك العضلات الضعيفة لتتمكن من تأدية الحركات المطلوبة منها وتدريبات أخرى للتوازن وتدريبات أخرى للتوافق بين نصف الجسد الأيمن والنصف الأيسر. هناك أيضا تدريبات عضلات اليد على الحركة الدقيقة وعلى إحكام القبضة وعلى قوة الضغط على القلم. والأهم تدريبات السمع والموسيقى وتدريبات اللغة والتخاطب واللسان.

أنظر إلى وجهه وهو نائم وأتخيل حواراتنا في المستقبل؛ هل سيلومني على عدم الصبر عليه لتعليمه الإنجليزية والصينية كما نويت؟ هل سيلومني على قسوتي الظاهرية أحياناً؟ هل سيلومني على التقصير في حقه؟ هل سيلومني على ضغوطي عليه؟ أغرق كل ليلة في دواماتي وأسئلتي واكتئابي ثم أستيقظ لأكمل واجبي نحو ابني وأنا أتأرجح بين الأمل واليأس. كل ما أعلمه اليوم أن رحلة تعليم آدم ستكون رحلة شاقة مرهقة وسيبذل أضعاف ما يبذله غيره لإتقان نفس الشيء.

أكتب هذا المقال وأنا أنظر إلى رسالة أم من صاحبات الهمم مثلي وهي تشكو من اختبارات القبول بالمدارس وكأنهم يحاولون جاهدين أن ينتقوا أطفالاً بلا تحديات أو إعاقات أو صعوبات من أي شكل. يطلبون من الطفل أن يسير ويجري ويقفز ويحجل ليتأكدوا أنه لا يعاني من صعوبات حركية ويطلبون من أن يجلس ويجيب ويكتب ويرسم ويتتبع الخطوط والحروف ويطلبون منه أن يتحدث بالعربية والإنجليزية والفرنسية ليطمئنوا على نطقه وعلى قدراته ويطلبون منه أن يكون هادئ محترم ليتأكدوا أنه لن يشيع الفوضى في الفصل.

أتذكر أسئلة الناس مستغربين عن عمره وعن لومهم لي لعدم اهتمامي باللغة العربية وعن أسباب عدم تحدثه بالإنجليزية بطلاقة مثلي. تعليقات سخيفة من أشخاص سخفاء عديمي الإحساس. لقد اتخذت قرار التعليم المنزلي وقرار تعلُم المونتيسوري بصورة متخصصة منذ سنوات عديدة قبل أن أدرك وجود هذه المشكلة ودرجة تأثيرها على حياتنا وكم ساعدني نهج المونتيسوري على العمل مع ابني بصورة متخصصة ودقيقة أثرت بالإيجاب عليه وعلى قدراته على جميع المستويات. تقول عمتي أن كلهم – الأطفال – يكبرون وتقول أمي أن أستمر في المحاولة حتى سن الثامنة وسأجد أنه تغير تماماً وأصبح “طبيعياً”.

سأصدقهما!

شاهد جميع فيديوهات مونتيسوري مصر هنا

اقرأ جميع مقالات مونتيسوري مصر لمروة رخا هنا

اقرأ جميع مقالات التعليم المنزلي هنا

من هي مروة رخا؟
مروة رخا: موجهة مونتيسوري معتمدة دولياً من الميلاد حتى 12 عام. Marwa Rakha: Internationally certified Montessori educator from birth to 12 years.

بدأت “مروة رخا” رحلتها مع “نهج وفلسفة المونتيسوري” في نهاية عام 2011 بقراءة كتب “د. ماريا مونتيسوري” عن الطفل والبيئة الغنية التي يحتاجها لينمو ويزدهر. تلت القراءة الحرة دراسة متعمقة للفلسفة والمنهج مع مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري

“North American Montessori Center”