في الجزء الثالث من "الكورس اللي أهم من المونتيسوري" بشتغل مع الأمهات على جزء معقد جداً من الوعي بالمقارنة بالجزئين الأول والثاني من الكورس – شغالين على "التروما" ... الصدمات النفسية ... معناها ... بتعمل إيه في الوصلات العصبية في المخ ... بتغير إزاي في الشخصية ... بتأثر إزاي على ردود أفعالنا وتصرفاتنا واختياراتنا! بتأثر إزاي على شكل أمومتنا وعلاقتنا بولادنا والناس عموماً. إزاي الصدمات النفسية بتخلي الإنسان مشلول ... محبوس ... إزاي بالدليل العلمي بيفقد القدرة على التفكير المنطقي ... بيفقد القدرة على الكلام والتعبير اللفظي ... إزاي بيستسلم للألم حتى لو في مخرج! أنا شغالة مع المشتركات من كتاب رائع اسمه: The Body Keeps the Score: Brain, Mind, and Body in the Healing of Trauma by Bessel van der Kolk M.D. لسة ما وصلتش للجزء بتاع التعافي والعلاج والحاجات الحلوة دي ... لكن على قد ما مرحلة الفهم والوعي مؤلمة (أنا متبهدلة نفسياً) على قد ما هي بتحرر الواحد من مشاعر سلبية زي الذنب والخزي والغضب. في الكتاب، بيحكي الطبيب المؤلف عن تجربة بشعة – لكن أضافت الكثير للأطباء النفسيين اللي كانوا في الوقت دا لسة بيفهموا يعني إيه "تروما" واللي عنده "تروما" دا يعني بتصرف إزاي! الجزء الأول من التجربة: في قفص كبير، حبس الباحثون مجموعة من الكلاب. كل يوم كانوا بيدخلوا عليهم بصواعق ويكهربوهم. الكلاب كانت بتتألم وتئن وتعمل على روحها من الخوف كل ما يدخلوا عليهم. الجزء التاني من التجربة: جابوا قفص كبير تاني ومجموعة كلاب تانية عمرهم ما اتكهربوا. فتحوا باب القفصين ودخلوا علشان يكهربوا الكلاب في المجموعتين. المجموعة اللي عمرها ما اتكهربت قبل كدة، شافوا الباب مفتوح ... هربوا! أول ما عرفوا أن الناس دي مؤذية ... هربوا. المجموعة الأولى بقى فضلوا يتألموا ويعملوا على روحهم من الخوف ويترعشوا لكن فضلوا في مكانهم ... متكومين في ركن القفص ... ما حاولوش يهربوا مع إن الباب مفتوح! الجزء الثالث والأخير: دخل الباحثين بالصواعق على المجموعة الأولى وبدأ شوية منهم يكهربوا الكلاب. والباقيين بدأوا يجروا الكلاب جر برة القفص من الباب المفتوح ... الجزء دا اتكرر كتير كتير كتير علشان يعلموا مخ الكلاب من تاني أنهم لما حد يأذيهم ... يهربوا بجلدهم! الطبيب كان بيحكي القصة دي علشان يوضح إزاي إن الإنسان لما بيتعرض لصدمات نفسية متكررة (أهل زفت ... عنف منزلي/زوجي ... اغتصاب ... حرب ... ألم جسدي متكرر ... إهمال للاحتياجات النفسية والعاطفية على طول...) مخه بيقف ... بيفضل يتألم ... ممكن يلوم نفسه ... ممكن يعاقب نفسه (على ذنب في خياله) ... ممكن ينكر أصلاً الإيذاء اللي بيتعرض له ... ممكن يختار علاقات مؤذية تكرر الإيذاء ... ممكن حاجات كتير .. المهم أنه مش بيشوف الباب المفتوح ولو شافه مش بيحاول يخرج وعلشان يخرج لازم حد يجره جر برة الباب ... بعيد عن الإيذاء ... مرات كتيرة ... لحد ما تتوجد جوا مخه مسارات جديدة بتقول له "لما حد يحاول يؤذيك ... افتح الباب واخرج". أنا متخيلة أن لو في جزء رابع أكثر وحشية للتجربة دي هيكون إن الكلاب اللي في القفص دا (الكلاب اللي عندهم صدمة نفسية) اتجوزوا وخلفوا وبدأوا ينهشوا في بعض ويهملوا عيالهم أو يعضوهم أو أي سيناريو بشع لامتداد خط العنف والإساءة من جيل لجيل لحد ما يجي جيل يختار الوعي ... يدفع تمنه ... يغير من نفسه ... يسمح لحد يجره برة مرات ومرات .. لحد ما يشوف الباب المفتوح ويقرر يخرج منه ويوقف الأذى.