سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الثاني
كنز علي بابا!
كل أطفال العالم يحبون “النكش” و”الدعبسة”. لا يوجد طفل لم يمد يده الصغيرة داخل شنطة أمه ليعبث بمحتوياتها ولا يوجد طفل لم يفتح ضلفة “النملية” ويخرج كل ما بها من أواني وغطيان ولا يوجد طفل لم يفتح خزانة الملابس ليستكشف حركة الشماعات وكيفية وقوع الملابس من على الرف. يولد الطفل السوي وبداخله طاقة مرعبة للبحث والاستكشاف واجراء المقارنات بين طبيعة الأشياء! يولد الطفل بداخله باحث كبير يصغر وينكمش ويتضائل حتى يتلاشى عندما يقهر الأهل – بحسن نية وبكل الحب – محاولات استكشافه تلك!
“لا تفتح الدرج!”
“أترك العلبة!”
“لا تلمس الريموت”
“كفايفة كركبة!”
كلها أوامر قاتلة دافعها الظاهري حب الطفل وحمايته من المخاطر؛ الدرج “يقفل” على يده أو الضلفة تقع فوق رأسه أو “يتعور”. لكن في الحقيقة نحن – أهل الطفل – هذا نخاف على أشيائنا! نحن نخاف أن يتغير نظام حياتنا ككل بظهور هذا الكائن الصغير المزعج الأناني وسطنا، لذلك نحن نعمل جاهدين على تحجيمه وتقييده وتقليل فرص احتكاك أصابعه “اللي زي الدوود” بأشيائنا الثمينة!
نهج المونتيسوري قدم حل يرضي جميع الأطراف: كنز علي باب هو الحل!
كنز علي بابا كنشاط يبدأ تقديمه للطفل من عمر أربعة أشهر ويستمر طوال العمر! تبدأ الأم بتحضير شنطة قماش كبيرة أو كيس مخدة أو سلة خوص أو علبة كارتون كبيرة وبالداخل توضع عدة أشياء مثيرة لاهتمام الطفل! محفظة جلدية بـ”كبسونة”، محفظة قماش بـ “سوستة”، إشارب حرير أسود، كوفية صوف بيضاء، ورقة “فويل” مفضض، كرة قماش، كرة تنس، كرة اسكواش، كرة جولف، يويو، ملعقة خشبية، إسورة، مناديل مبللة معطرة، “شخليلة”، جرس، إلخ.
في عمر أربعة أشهر تجلس الأم وتأخذ الطفل في حضنها حيث يلتصق ظهره بصدرها وبطنها وتضع “الكنز” أمامهما. عندما يستطيع الطفل الجلوس بدون دعم تجلس الأم أمام الطفل والكنز بينهما وعندما يستطيع الطفل الاستكشاف بمفرده تجلس الأم في الجوار في صمت ولا تزعجه.
يبدأ النشاط حينما تحضر الأم مرتبة العمل “work mat” وتضعها في مكان استكشاف “الكنز” مرتبة العمل ممكن أن تكون مفرش سرير أو مرتبة يوجا أو أي قطعة قماش. هدف هذه الخطوة هو الإعلان عن بدأ النشاط وتحديد مكانه حتى لا ينتهي الأمر بالفوضى وعدم التركيز. ويبدأ الاستكشاف حينما تتسائل الأم بصوت عال وفي حماس عن الكيس ومحتوياته لتجذب انتباه الطفل للنشاط. “كنز! لقينا كنز!” ثم تمد يدها في بطئ داخل السلة وتخرج أول شئ يقابلها وتفتعل المفاجأة وهي تتسائل: “إيه دا؟” ثم تقول “دي محفظة” وتبدأ في استكشافها مع الطفل ببطئ؛ تقلبها بين يديها، تفتحها وتغلقها عدة مرات، تتحسس خامتها، تشمها، تهزها، تضعها على أذنها، وتحاول عضها وبعد أن تنتهي تعطيها للطفل ليمسك بها ويستكشفها بطريقته. تكرر نفس الشئ مع كل محتويات السلة.
شروط هذا النشاط:
1. أن تكون كل محتويات الشنطة نظيفة وبحالة جيدة ويصعب ابتلاعها.
2. أن يستكشف الطفل في وجود الأم أو أي شخص بالغ حتى لا يؤذي نفسه.
3. أن تبدأ الأم بوضع خمسة أشياء فقط داخل الشنطة وأن تتغير محتويات الكيس كل شهر.
4. أن تناسب محتويات الكيس عمر الطفل (في سن سنة استكشف آدم العلاقة بين المغناطيس والمعادن المختلفة ومقارنتها بالأخشاء أو الأقمشة وفي سن سنتين استكشف لضم مكعبات الخشب المفرغ من النصف بشريط من الخوص وفي سن ثلاث سنوات استكشف البطارية وطرق فكها وتركيبها)
5. تجنب البلاستيك قدر المستطاع! البلاستيك لا يتفاعل مع الحواس ولا يعلم الطفل أي شئ، بل يعطيه انطباع زائف عن الوزن والصلابة وقابلية الكسر.
ينتهي النشاط حينما تعيد الأم “الكنز” داخل الشنطة بمساعدة الطفل ثم تعيد الشنطة ومرتبة العمل إلى مكانهما في صحبة الطفل. هدف هذه النهاية هو مساعدة الطفل في تعلم النظام والترتيب وأماكن لعبه وأنشطته حتى يستطيع اللعب بها وقتما يحب ويعيد الأشياء إلى أماكنها عند الانتهاء.
You must be logged in to post a comment.