سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات وشهادة المونتيسوري للطفولة المبكرة حتى 6 سنوات وشهادة مرحلة الابتدائية من 6-9 ومن 9-12 من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
مروة رخا تكتب لمصر العربية: الجزء الثالث: تعديل سلوك الطفل
المقال العاشر: انحرافات الشخصية: التعلق المرضي بالأشخاص، التعلق بالأشياء، الرغبة في السيطرة، الشعور بالنقص والدونية، الخوف، والكذب
في هذا المقال سوف نستكمل الحديث عن المزيد من “انحرافات الشخصية” وعلاجها وفقا لنهج المونتيسوري؛ عند دراسة العلاقة بين الطفل والبالغين من حوله بالذات الأم والأب والمعلم وجدت ماريا مونتيسوري العديد من الإنحرافات الشخصية التي تنتج عن خلل في تلك العلاقة؛ التعلق المرضي بالأشخاص، التعلق بالأشياء، الرغبة في السيطرة، الشعور بالنقص والدونية، الخوف، والكذب. فالندرس معا بعض المواقف حتى نرى كيف تعمل تلك الانحرافات:
الموقف الأول: المعلم يختار طفل من الفصل ويطلب منه مسح السبورة ومراقبة زملائه وكتابة أسماء من يتحدث خلال الشرح.
ستولد نتيجة هذا الموقف عدة انحرافات؛ سوف يتعلق الطفل تعلق مرضي بالمدرس وسيجد سعادة بالغة في تنفيذ أوامره ومع الوقت سيفقد الطفل الاهتمام بأنشطته ويستبدلها بقضاء المهام من أجل هذا المدرس. سيجد المتعة في احضار له ما لذ وطاب من المنزل ومطالبة أهله بشراء الهدايا الرمزية له وسيمسح السبورة ويراقب زملائه بكل فخر وحب. ومع الوقت سيتولد انحراف أخر وهو استخدام هذا المدرس من أجل الحماية والسيطرة والقوة. بدلا من مواجهة مشاكله بنفسه سيختبئ الطفل وراء معلمه الأثير وبدلا من روح التعاون والحب بينه وبين زملائه ستتولد منافسة بغيضة ويتعلم الوشاية و التملق والولاء للسلطة. التعلق المرضي بالأشخاص واستخدام البالغين للحصول على السيطرة والتميز قد تحدث مع الأم والأب والمعلم والجد والجدة.
الموقف الثاني: الطفل يحاول حمل فازة من الصيني ونقلها إلى غرفة أخرى. الأم تنهره وتقول أنه سوف يكسرها وأنها ثمينة وأنه لا يسطيع حملها وغير مسموح له بلمسها.
نتيجة الموقف الثاني هو طفل يشعر بالنقص والدونية وشخص بالغ فيما بعد لا يريد بذل الجهد في أي شئ لاقتناعه بأنه سوف يفشل. يرى الطفل أمه نفسها التي نهرته تطمئن صديقتها التي كسرت الفازة بالخطأ أنها مجرد فازة حقيرة وفداها ألف فازة. ويرى الأم هادئة تماما إذا حملت الفازة مدبرة المنزل أو الطباخة. يشعر الطفل أنه عاجز وفاشل وأن الفازة الحقيرة أغلى منه؛ أنه أقل من الجارة والصديقة والخادمة والطباخة وسائر البشر ويكبر لديه احساس بالعجز وقلة القيمة.
الموقف الثالث: الطفل على البحر يملأ الدلو ببعض الأصداف والرمال ويقرر الأب أنه حان وقت الانصراف فيحمل الطفل والدلو للسيارة.
الموقف الرابع: الطفل يلعب في غرفته ويأتي ضيف. تأمر الأم الطفل بترك اللعب وإلقاء التحية على الطفل.
الرسالة التي يتعلمها الطفل من الموقفين الثالث والرابع أنه غير مهم وأن “عمله” لا يعني شئ. يكبر هذا الطفل ولديه شعور أن كلامه لن يؤثر وأفعاله لن تغير فينزوي ويترك كل قضايا المجتمع و”يمشي جنب الحيط”.
الموقف الخامس: يذهب الطفل إلى أبوه ويطلب منه أن يغسل له يديه فيستجيب ثم يطلب منه أن يحمله فيستجيب ثم يطلب منه أن يلعب معه فيستجيب ثم يطلب منه أن يحضر له شوكولاتة فيستجيب ثم يطلب منه أن ينهر زميله الذي أخذ لعبته فيستجيب ثم يطلب منه … فيستجيب.
الموقف الخامس يؤدي إلى انفجار الأب لأنه يشعر بالسخرة واعتماد الطفل على الأب لتحقيق كل رغباته. يتحول الأب من انسان إلى مصباح علاء الدين ومع الوقت يكبر الطفل ليتعامل مع كل تضحيات الأب على أنها واجب وأنها أشياء مسلم بها. نكران الجميل والإساءة تكون من نصيب الأب والتواكل والكسل يصبحان سمات أساسية في شخصية الطفل.
الموقف السادس: الطفل في المدرسة يتحدث عن والده الذي ضرب فلان لأنه ضايقه وضرب علان لأنه أخذ شنطته وأمه التي نهرت المدرسة لأنها لا تشرح جيدا وحكايات أخرى عن بطولات الأب والأم والجد والجدة والخال والعم.
الموقف السادس من أمثلة الكذب والكذب من انحرافات الشخصية في الأطفال الذين يهربون من الواقع إلى خيالاتهم. كل طفل يريد ساحرة طيبة مثل التي في قصة سيندريلا لتحول اليقطين إلى عربة والفأر إلى حصان والملابس البالية إلى ملابس الملوك! ونرى في هذا الموقف أيضا حب السيطرة من خلال استغلال البالغين وقوتهم.
الموقف السابع: الطفل يمتلك صندوق يضع بداخله “كنز”؛ وجد ريشة على الأرض فوضعها في الصندوق. وجد قطعة خشب، وجد حجر، وجد جزء من لعبة مكسورة، وجد وردة، أو وجد ورقة … كل ما يجده ويعجبه يأخذه ويضعه في الصندوق.
الموقف الثامن: يلعب طفلان في الحديقة ووجد أحدهما كوب فارغ. بدلا من اللعب سويا بالكوب الفارغ قررا التعارك على من سيمتلك الكوب. في النهاية تم تدمير الكوب.
الموقف السابع يمثل انحراف “حب التملك” … الطفل لا يفعل أي شئ بمحتويات صندوقه! لا هو حولها إلى عمل فني ولا هو درس خواصها ولا هو صنفها حسب نوعها أو لونها. هو يحب الاقتناء … فقط! الموقف الثامن يعكس أيضا حب التملك والاقتناء ولكن تصحبه نزعة تدمير ما يقتنيه حتى لا يأخذه غيره.
الموقف التاسع: طفل في الحديقة يلعب ثم يبدأ بالصراخ والبكاء والجري عندما يرى كلب.
الموقف العاشر: الأم والأب يستعدان للرحيل. الطفل يريد الذهاب معهما. الأب يقول للطفل أنهما سيذهبان للطبيب.
الموقفان التاسع والعاشر لهما علاقة بالخوف كانحراف للشخصية. الخوف من الأشياء أو الأشخاص أو الحيوانات أو المواقف لأن الأهل زرعوا هذا الخوف غير المبرر والآن يعاني منه الأطفال. والموقف العاشر هو استغلال الأهل لخوف الطفل من زيارة الطبيب وهو أسلوب تربية خاطئ ويؤدي إلى دمج الخوف والكذب كانحرافات في شخصية الطفل.
في المقال القادم سنناقش كيفية التغلب على تلك الانحرافات.
شاهد جميع فيديوهات مونتيسوري مصر هنا
اقرأ جميع مقالات مونتيسوري مصر لمروة رخا هنا
اقرأ جميع مقالات التعليم المنزلي هنا