سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات وشهادة المونتيسوري للطفولة المبكرة حتى 6 سنوات وشهادة مرحلة الابتدائية من 6-9 ومن 9-12 من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الـ153
اختراعات حديثة تضر بالطفل – وأنتِ لا تعلمين!
لا أعلم تحديدا في أي لحظة في تاريخ البشرية تم التشويش على الفطرة والغريزة في العلاقة بين الأم وطفلها. كيف تمكنت شركات تصنيع ألعاب الأطفال من إقناع الأمهات بمزايا هذه المنتجات؟ أقرأ في كتب آدم عن حياة الإنسان البدائي وأجد الأطفال يلعبون ويزحفون ويَحْبون ويجرون بين الأمهات داخل المنزل وفي فناء المنزل وأما الحظائر ووسط الحقول. تحمل الأم طفلها وترضعه وتلعب معه وتغني له وتحدثه وتدعه يستكشف حتى يكبر – هكذا بكل بساطة كانت الأمومة والطفولة. اليوم، أكبر عقبة في نمو الطفل الحركي والعقلي والعاطفي واللغوي هي أمه! كيف تحولت الأم إلى عقبة؟
هذه بعض الاختراعات التي تضر بنمو الطفل في أعوامه الثلاثة الأولى:
السور
ما هو؟ هو سور أنيق ملون تستخدمه الأم “لتأمين الطفل”. يتم تسوير منطقة ما في المنزل ووضع بعض الألعاب بداخلها ثم ترك الطفل خلف السور مثل الحيوان الحبيس. لأن فطرة الإنسان الحرية وغريزته تدفعه للاستكشاف، يبكي الطفل ويحاول الهروب من سجنه وكلما نجح او كلما أوشك أن ينجح، تعيده الأم خلف السور مرة أخرى.
هذا السور كارثة إنسانية تحول الطفل من إنسان لحيوان حبيس. هذا السور لا يؤمن شيء سوى المنزل والتحف! هذا السور ينمو في وجدان الطفل ليتحول إلى حاجز فعلي بين الطفل وأهله في اعوامه المقبلة مما يجعل تربيته وتهذيبه من أصعب ما يكون.
الرباط
هل تخافين على طفلك أن يختطف؟ هل تخافين أن يتوه منك؟ الحل الأمثل هو أن تربطيه! هذا هو منطق “الرباط”. تماما مثلما يفسح الرجل كلبه وهو ممسك بلجامه، تخرج الأم بطفلها وهو مربوط. هل فكر أحد يوما كيف يكون شعور الطفل المربوط؟ هل فكر أحد يوما في تأثير هذا الرباط على العلاقة بين الأم وطفلها؟
هذه كارثة إنسانية أخرى تبرمج عقل الطفل على التمرد على الأهل وعلى الهروب منهم. في العقل غير الواعي تتحول الأم إلى قيد ويكبر الطفل على كسر القيد!
كرسي الطعام
يجلس الطفل عاليا مقيدا بالأحزمة ممنوع من الحركة فاقد القدرة على تقرير مصيره وأمامه الطعام ليأكله أو ليؤكله له شخص بالغ. هذا الكرسي انتهاك صريح لحق الطفل في اختيار متى يأكل ومتى ينتهي من الأكل واختيار ما سيأكل. هذا الكرسي يمنع الطفل من المشاركة ومن الاستمتاع بالطعام ويتحول الكرسي إلى سجن ويتحول الطعام إلى صراع ويتعلم الطفل التعبير عن رفضه برمي الطعام والبكاء والصراخ.
الكرسي الهزاز
ولد آدم طفلا باكيا صارخا متمردا وكنت دائما أحمله وأهزهزه وأسير به مثل أمهات عصور ما قبل الحضارة. أشفقت عليّ أمي من المشقة واشترت لنا كرسي هزاز للأطفال. فكرة الكرسي الهزاز بكل بساطة، يجلس الطفل فيه، تربطه الأم بأحزمة الأمان حتى لا يهرب ويهتز الكرسي برفق حتى يصمت الطفل أو ينام أو ييأس. حاولت أن أجرب الكرسي ورفضته غريزتي ورفضه آدم. أين دفئ جسدي؟ أين دقات قلبي؟ أين رائحتي؟ أين صوتي؟ كيف يعطي هذا الكرسي طفله ما يحتاجه؟
الكارثة الأكبر أن هذا الكرسي يأتي ومعه تعليمات واضحة أنه ممنوع ترك الطفل في الكرسي أكثر من 15 دقيقة وألا يترك الطفل فيه بدون إشراف شخص بالغ. هذا الكرسي قادر على إحداث أضرار بالعمود الفقري الصغير وقادر على قتل الطفل إذا ترك مربوط فيه بدون إشراف!
كرسي السيارة
كرسي السيارة هام لسلامة الطفل ولا غنى عنه ولكن هل تعلمون أن جلوس الطفل في كرسي السيارة لفترات طويلة يعرضه لتشوهات العمود الفقري ويقل وصول الأوكسيجين لجسده بسبب الضغط على صدره وقد يسبب ارتجاع المريء.
هل تعلم أن أقصى مدة للطفل بعمر عامين، في كرسي السيارة هي 30 دقيقة؟ هل تعلم أن أطول رحلة للطفل بعد عامه الثاني لا يجب أن تتعدى ساعتين؟
الألعاب التي تغني
الهدف من الغناء للطفل هو تنمية مهاراته الاجتماعية واللغوية ولهذا غنت الأمهات لأطفالهن لسنوات طويلة بلا كلل أو ملل. اليوم تلجأ الأمهات للأغاني المسجلة وللألعاب التي تغني للطفل لتقوم بهذا الدور بدلا منها.
الخسائر: ضعف العلاقة بين الأم والطفل وعدم نمو الطفل اجتماعيا ولغويا لأن التسجيلات لا تعلم الطفل أي شيء وتشتيت الطفل وإضعاف قدرته على التركيز وتحويله إلى متلقي سلبي بدلا من التفاعل المنشود في اللعبة الأصلية بين الأم والطفل.
في نهاية المقال، أود أن أذكر كل الأم أن شخصية الطفل ورؤيته للعالم من حوله وأساس علاقتك به تتكون في أول ثلاث سنوات من عمره. يتعلم الطفل في هذه الفترة من حياته من خلال عقله الماص وهو مثل الإسفنجة يمتص كل المعلومات الحسية من حوله ويخزنها في مخه ليبني عليها في أعوامه القادمة. في سنواته الثلاث الأولى يمتص الطفل التجارب التي يمر بها والأصوات والألوان والروائح والمزاقات والملامس والمشاعر والمشاهد، وهكذا تتسع مداركه وتنمو مهاراته وتتكون شخصيته. دورك في هذه المرحلة هو توفير بيئة صديقة له يتحرك فيها بحرية وبدون قيود. بدلا من منعه والتحول إلى عقبة في طريقه، فكري كيف تحققي له فرصة الاستكشاف الآمن.
شاهد جميع فيديوهات مونتيسوري مصر هنا
اقرأ جميع مقالات مونتيسوري مصر لمروة رخا هنا
اقرأ جميع مقالات التعليم المنزلي هنا
You must be logged in to post a comment.