بعد تراجع دور الأسرة والأصدقاء والطبيب النفسى … المستشار العاطفى … حلال للمشاكل ولا مجرد فضفضة
كتبت مها العنانى لمجلة كلمتنا
كثيرا ما نصادف فى حياتنا العديد من المشاكل التى تؤرقنا وتؤثر على علاقتنا بالأخرين، قد نشعر خلال تلك الأزمات بضعف يستلزم وجود الأخر فى حياتنا ليأخذ بأيدينا ويرشدنا الى الصواب ويساعدنا على تخطى المحنة فى سلام، وقد يتمثل هذا الأخر فى قريب أو صديق أو حتى طبيب نفسى، ولكن الجديد الأن هو وجود ما يسمى بالمستشار العاطفى أو الأنسانى وهو الشخص الذى يقدم للأخرين خدمة تتمثل فى حل مشكلاتهم عن طريق الأستماع اليهم ومحاولة ايجاد الحلول والتى تبنى فى أغلب الأحوال على خبراته الحياتية والشخصية بعيدا عن التخصص والشكل الأكاديمى فى أمتهان هذة الوظيفة لتجد أمامك كل يوم عددا لا بأس به من المشاكل المرسلة اليه ورده عليها عبر الموقع الألكترونى الخاص به أو على الفيس بوك.
والسؤال الذى قمنا بطرحه هل يتعين على صاحب هذة المهنة دراستها دراسة أكاديمية أم أنه لا يحتاج الا الى الموهبة والفطنة والذكاء مضافا اليها خبراته الشخصية معتمدا فى ذلك على الكاريزما الخاصة به ليصبح مؤهلا الى حل مشاكل الأخرين.
أمل محمود خبيرة العلاقات الأنسانية تحدد شروط ممارسة وظيفتها فى عدة نقاط قائلة :
من وجهة نظرى أنه لابد وأن أكون ملمه بالعديد من الأمور ولدى قدرة جيدة على التحليل وسرعة الفهم والبديهة والتواصل مع الناس ومعرفة كيفية توفير عنصر الراحة لديهم.
أما عن أهمية الدراسة الأكاديمية فتؤكد قائلة :
الدراسة الأكاديمية وحدها لا تكفى وقد تستبدل بالقراءة وعمل الأبحاث والأطلاع المستمر على أحدث الأبحاث العلمية فى مجال العلوم الانسانية كما أفعل أنا، فأنا قارئة جيدة لكل ما ينتج عن البشر من فكر ودراسات.
وتضيف أمل محمود مشيرة الى عدم أشتراط القنوات التخصص العلمى لأجازة الظهور على شاشتها حيث تقول :
القنوات تسعى لتقديم ما هو جديد ومفيد للناس بغض النظر عن التخصص الأكاديمى، فهناك الكثير ممن يحملون شهادات ويفتقدون للموهبة والقدرة على التحليل، فتصبح حواراتهم لا معنى لها ولا توصل معلومة مفيدة للمشاهد.
وعن تراجع دور الطبيب النفسى تؤكد :
فكرة الطبيب النفسى فى مجتمعتنا العربية مازالت غير مستساغة ومرتبطة دائما بالمرض النفسى والأفلام التى تقدم الطبيب النفسى على انه مريض أكثر من المرضى، هذا بالاضافة الى عدم كفاءة الكثير من الأطباء النفسيين وفشلهم مع من يلجأ لهم باستثناء المحترمين الناجحين فى عملهم وهم معرفون بالأسم ولكن هناك الكثير من الناس لا يستطيعون تحمل نفقات مثل هؤلاء الأطباء، لذلك يلجأ الناس للكاتب المتخصص فى العلاقات الانسانية لأنه بعيد عن شبهة المرض التى تلحق بمن يلجأ لطبيب نفسى وفى نفس الوقت نحن نقدم الاستشارات مجانا، أما عن الرخصة للعمل فى هذه المهنة فهى حب الناس والحكمة والقدرة على استقراء الأمور وتحليلها تحليل دقيق للخروج بنتيجة مفيدة وعملية.
نستطيع أن نصف عمل خبير العلاقات بأنه عمل دجالين وكلام فاضى وهذا ما يجعلنى أرفض أن أخذ مقابل مادى حتى أستطيع أن أنظر الى نفسى فى المرآة.
هكذا صرحت مروة رخا مستشارة العلاقات العاطفية فى بداية حديثها معنا وأضافت :
عادة ما يلجأ الناس الينا تجنبا للذهاب الى الطبيب النفسى الذى غالبا ما يتحدث الى المريض بالعلم والمنهج عكس المستشار العاطفى الذى يتحدث من واقع خبرته الحياتية لأن مشاكل مجتمعتنا العربية ليست موجودة فى الكتب.
الى جانب ان الأنسان يفضل الا يظهر لمن يستشيره فى خصوصياته فيفضل الأختفاء وراء شاشة تليفزيون أو الكمبيوتر الذى يستخدمه فى أرسال أيميل يحمل مأساته وهذا كله عكس ما يحدث عند اللجوء الى الطبيب النفسى الذى يستلزم عمله حضور المريض لجلسات يحددها الطبيب ليجد نفسه متورطا فى البوح بأسراره أمام شخص غريب.
كما شددت رخا على قدرة أى أنسان على حل مشاكله بنفسه بعيدا عن اللجوء للأخرين حيث قالت:
الله سبحانه وتعالى عندما أتى بنا الى هذة الحياة خلق بداخلنا كل الأجابات على جميع أو أغلب الأسئلة التى تؤرقنا، فأستطيع أن أجزم بأن فطرتنا "زى الفل"، والذى يغير هذة الفطرة هو كثرة النصائح التى تسدى الى الأنسان عندما يتخطى مرحلة عدم الأدراك أثناء طفولته ليجد نفسه محاصرا بعبارات كثيرة أغلبها تحتوى على كلمات مثل "عيب وميصحش لأ و ماتسألش" ويظل الأنسان يُلقن طوال فترة طفولته ما يجب عليه فعله ممن حوله فى البيت و المدرسة و الجامعة و الوظيفة – فكيف يستطيع هذا الأنسان بعد ذلك وتحديدا عندما يملك قراره حل مشاكله.
أما عن عدد الأستشارات التى يستقبلها البريد الألكترونى الخاص بها أكدت رخا على أنه يتراوح ما بين 20 – 50 مشكلة فى اليوم.
ومن جانبه أوضح دكتور مدحت عبد الهادى مستشار العلاقات الأسرية قائلا :
للأسف أصبح هناك فوضى كبيرة فى ظهور غير المتخصصين فى وسائل الأعلام المختلفة لحل مشكلات الناس، وأرى أن هذا لن يتوقف الا فى حالة وضع معايير ثابته كالمرور بأختبارات تحددها الجهات المعنية بذلك.
قبل ما أجرؤ على حل مشاكل الناس – والكلام لازال على لسان دكتور مدحت عبد الهادى – يجب على أولا أن أفهم معنى الصحة النفسية الى جانب تفهم تركيبة المريض النفسية قبل أعطاء الحل، وبالمناسبة أنا لست حلال للمشاكل فأحرص دائما على محاولة أكتشاف نمط الشخصية الى جانب محاولة مقابلة الطرف الأخر للمشكلة تجنبا للأستماع الى طرف واحد والذى يؤدى بالضرورة الى تعقيد المشكلة بشكل أكبر.
وبسؤال دكتور هالة حماد أستشارى طب نفسى أطفال ومراهقين وعلاج أسرى عن تراجع دور الطبيب النفسى تحدثت قائلة :
أعتقد أن جزء من المشكلة يكمن فى الطبيب النفسى حيث أنه فى أحيان كثيرة يرفض أن يكون حلال للمشاكل، وهذا النوع عادة ما يلجأ الى الدواء فى علاج المريض أختصارا للوقت والمجهود.
وتضيف : أما عن أهمية التخصص والتى يفتقدها هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم مستشاريين فى العلاقات الأجتماعية فهو عامل أساسى ومهم فى التعامل مع الشخص صاحب المشكلة والذى غالبا ما ترجع أزمته الى عوامل نفسية توازى العامل الأجتماعى، فيجب على المعالج للمشكلة هنا أن يكون ملم بما يسمى العلاج الأسرى، فلا أستطيع أن أعالج جميع الحالات بنفس الطريقة وذلك لأختلاف الرؤية والبيئة المحيطة بكل أسرة.
بالأضافة الى أننا لا نستطيع أن نقدم نصيحة مبنية على مجموعة معلومات قليلة وعادة تكون من طرف واحد لأن الموضوع فى النهاية أشبه بقطع البازل يجب أن تكتمل حتى تتضح الصورة كاملة.
وتؤكد دكتور هالة حماد على أن أغلب البرامج التليفزيونية لا تشترط وجود شهادة علمية تفيد بأهلية هؤلاء المستشاريين للظهور على شاشتها حيث أوضحت :
نحن نحتاج الى نوع من الرقابة والتى من شأنها تحديد الأشخاص المؤهلين للقيام بهذا الدور الخطير والذى قد يضر المشاهد بنفس درجة أفادته له وذلك اذا ما نقلت معلومة أو نصيحة خاطئة.
وتشير دكتور هالة حماد الى أسباب أقبال أصحاب المشاكل على هذة الأستشارات مؤكده :
هذا يرجع الى غياب المثل الأعلى داخل الأسرة، فالأب والأم هذة الأيام مشغولون بعملهم وتحصيل الأموال خارج المنزل لتوفير حياة أفضل لأبنائهم ومن هنا يضطر الشباب الى اللجوء الى غير المؤهليين الى جانب عزوف الناس عن اللجوء الى الطبيب النفسى وذلك لنظرة مجتمعتنا السلبية لهذا الشخص على أنه قد دخل طور الجنون.
أعتقد أننا لا نستطيع أن نطلق صفة المهنة على من يعمل مستشار عاطفى أو أجتماعى، وخاصة اذا كانوا يعتمدون فى عملهم على الخبرات الشخصية بعيدا عن الدراسة العلمية".
هكذا أستهل أسلام فاروق ( 27 سنه) حديثه معنا وأضاف :
الخبرة الحياتية متوفره لدى أغلب الناس، وقد يتمثل هؤلاء فى الأصدقاء والأقارب، فاذا كنت فى حاجه الى استشارة شخص ما فى مشكلة أعانى منها فلماذا اذن لا أستشير أحد أقاربى أو أصدقائى فأعتقد أنهم الأقرب لى والأكثر ألماما بظروفى وشخصيتى.
وتشاركه الرأى رشا (22 سنه) وتضيف :
عندما أصادف أى مشكلة بينى وبين خطيبى وأشعر أننى أحتاج الى أن أشكو الى شخص ثالث يقوم خطيبى بلعب دور هذا الشخص ويستمع لى ولشكوتى متقمص دور المحايد وقد أتت هذة التجربة بنتائج جيدة ترضينى وترضيه وفى نفس الوقت لا يدخل ثالث بيننا.
وتعترض جاكلين يوسف (32 سنه) قائلة :
لا يوجد ما يمنع أن أحتاج يوما ما الى استشارة أحد المتخصصين فى مشكلة ما ولكن بالطبع بعد التأكد من جديته ودرجته العلمية، وبالمناسبة لقد مررت بالفعل بهذة التجربة من قبل وأعتقد أن أستشارته أفادتنى بشكل كبير حيث وجه لى عدد من النصائح والتى من شأنها تغيير بعض العيوب فى شخصيتى والحمد لله تغلبت عليها تماما.
You must be logged in to post a comment.