سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الأول
“كم أنت مملة يا أمي!”
هذه هي الرسالة المشفرة التي كان يرسلها لي رضيعي الذي لم يتعدى ثمانية عشر شهرا! تارة يتملل وتارة يتأفف و عادة كان يكتفي بالـ “زن” كلما حاولت أن ألعب معه. عام ونصف وأنا أشتري أحدث الألعاب وأكرس كامل وقتي وجهدي لهذا الطفل الذي لا يعجبه ولا يرضيه أي شئ! في لحظة ضعف وغضب قررت أن أهرب منه وأن أتهرب من مسئوليته؛ لقد قررت إيداعه بدار لرعاية الأطفال – حضانة يعني – وترك عبئ تسليته على المدرسات والمشرفات وليكن ما يكن! ذهبت إلى سريري وأنا أحلم بكل الوقت الذي سيكون لي وحدي أقضيه كيفما شئت! فجأة تذكرت وعدي لآدم حينما كان جنينا ينمو بداخل رحمي ويتغذى على دمي؛ لقد وعدته أنني سأكون الأم التي يحتاجها! لقد وعدته ان أتعلم وأن أتطور لأصبح جديرة بأمومته! واستيقظت!
ماريا مونتيسوري! هذا هو اسم السيدة الذي تكرر أمامي عدة مرات في الشهور الماضية! نهج المونتيسوري أو أسلوب المونتيسوري في التربية والتعليم هو الباب الذي قررت طرقه على استحياء، ربما وجدت ضالتي المنشودة. اشتريت عدة كتب من على موقع أمازون وطلبت أن تصلني خلال يومين. وصلني طرد صغير يحتوي على الكتب التالية:
The Discovery of the Child
The Secret of Childhood
The Absorbent Mind
Teach Me How to Do It Myself
وفي منتصف الكتاب الأول وقعت في غرام ماريا مونتيسوري ووجد أن نهجها يتفق مع مبادئي ومعتقداتي عن الطفولة والأمومة والتربية والتعليم. أدركت خطئي! آدم لا يحتاج لعب ملونة متكلمة ولا أدوات صغيرة بلاستيكية ولا قناة الأطفال على التليفزيون! الطفل لا ينبهر بكل ما هو براق مثل الكبار؛ الطفل ينبهر بكل ما هو حقيقي وقيم ومفيد! الطفل لا يريد أن يستهلك أفكار أو منتجات؛ الطفل يريد أن يبتكر ويجرب ويستكشف بنفسه خواص الأشياء والعلاقات.
أكددت ماريا مونتيسوري في كتبها على حق الطفل في التعرف على العالم من حوله من خلال حواسه؛ ليتعلم وينمو الطفل يحتاج لأنشطة تنمي قدرته على التركيز البصري وتقييم المسافات والمساحات والألوان، وأنشطة تنمي قدرته على التمييز بين الأصوات والنبرات والنغمات المختلفة، وأنشطة تزيد من قدرته على التحكم في أصابعه ويديه، وأنشطة أخرى وكثيرة لتساعدة على الادراك باستخدام الحركة والشم والتذوق واللمس.
في صباح سعيد، احضرت صينية مطبخ خشبية ووضعت عليها علبتين؛ في العلبة الأولى وضعت “شوية” حبيبات لوبيا وفاصوليا وفول وأرز وتركت العلبة الثانية فارغة. ثم أحضرت ملاعق مختلفة الأحجام ووضعتها في الصينية بجوار العلب. شاهدني آدم أحضر النشاط في صمت وترقب ثم دعوته للجلوس على الأرض وأخذت يده الصغيرة ووضعتها في علبة الحبيبات – تركته يلمس البذور المختلفة ويستكشفها في صمت ثم أخذت ملعقة وملئتها بخليط الحبوب ثم حركتها ببطئ فى اتجاه العلبة الفارغة. نظرت له وابتسمت. مد يده وأخذ ملعقة أخرى وبدأ يحاول نقل الحبيبات بين العلب. ولأول مرة وجدت آدم سعيد ومنهمك؛ لقد استغرق في النشاط … لقد توقف الزن!
في البداية اعتمدت على القراءة ومتابعة المدونات واستمر آدم في الأنشطة المختلفة ومع الوقت تحول منزلنا إلى بيت المونتيسوري ومنذ عام بدأت في دراسة نهج المونتيسوري بصورة متخصصة. في سلسلة المقالات القادمة سوف أتناول كل مرة نشاط بالتفصيل وأشرح أهميته وفوائده لنمو الطفل وكيف يمكن للأم أو للقائمين على رعاية الطفل تقديم النشاط المناسب في الوقت المناسب لتحقيق الاستفادة القصوى منه وكما قالت ماريا مونتيسوري: “يد الطفل هي الأداة التي تصنع ذكائه”
You must be logged in to post a comment.