fbpx
مونتيسوري مصر- تقدمها مروة رخا

التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية

التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية. أود أن أشارك مجتمع التعليم المنزلي بعض الأخطاء التي قد يقعون فيها بحسن نية.

Estimated reading time: 8 minutes

التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية

في محاولة مجتهدة مني لمساعدة الأسر التي تفكر في قرار التعليم المنزلي لأطفالها، قدمت دليل مفصل عن التعليم المنزلي في مصر مبني على تجربتي مع آدم، ومستند إلى دراستي المتعمقة لفلسفة ونهج المونتيسوري، ونمو الطفل من الميلاد حتى نهاية عامه الثاني عشر.

لكن كعادتي، أحب دائماً أن أراجع نفسي وخطواتي؛ أقوم بتحليل قراراتي واختياراتي؛ أسأل نفسي عن تجاربي ومدى رضائي أو عدم رضائي عنها؛ أبحث عن أخطائي وأتعلم منها؛ أراجع الطريق وأتأمل العثرات التي نجوت منها والتي كدت أن أقع فيها.

من هنا جاء هذا المقال! أود أن أشارك مجتمع التعليم المنزلي بعض الأخطاء التي قد يقعون فيها بحسن نية.

أخطاء في تطبيق المونتيسوري في المنزل

التعليم الأكاديمي

يمثل المجتمع مصدر إزعاج وضغط على الأسر المعلمة منزلياً، وعلى الأطفال بداية من عامهم الثاني لتعلم الحروف والأرقام والألوان والأناشيد واللغات. يصبح الطفل في محل اختبار من كل من هب ودب ليستعرض ما يحفظ. إذا وجد “الممتحن” أمامه طفلاً طبيعياً يريد أن يلعب في الرمل ويجري وتجاهل سخافته، يواجه الأهل وابلاً من الاتهامات بالتقصير، وأنهم سيضيعون الطفل بالتعليم المنزلي هذا!

يبدأ التعليم التقليدي المبني على التلقين وتجاهل نمو الطفل وتطوره واحتياجاته من الحضانات، التي رضخت لمطالب الأهل، الذين رضخوا لتوقعات المدارس في مرحلة التقديم و”الإنترفيو”!

كلما كبر الطفل كلما زادت الضغوط واستمر تجاهل قدرات الطفل الفردية، والمنطق من العملية التعليمية نفسها! قليلون من توقفوا وتسائلوا: ما الهدف من تعليم طفل بعمر الرابعة الحروف الأبجدية وترتيبها؟ ما حكمة تعليم طفل بعمر الخامسة القراءة؟ ماذا سيستفيد طفل بعمر السابعة من جدول حفظ جدول الضرب؟ إذا فتحت باب الأسئلة لمحاول فهم المنطق المغلوط وراء اختيار ما يتعلمه الطفل وبأي عمر، لن أنتهي!

ما الهدف من تعليم طفل بعمر الرابعة الحروف الأبجدية وترتيبها؟ ما حكمة تعليم طفل بعمر الخامسة القراءة؟
التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية

الحقيقة أن معظم الأطفال يبدون الاهتمام الطبيعي بالتعليم الأكاديمي بفروعه المختلفة من بعد العام السادس. بعض الأطفال قد يولد لديهم الاستعداد لتعلم بعض الفروع في عمرٍ أقل، والبعض الآخر قد ينتظرون للعام السابع أو الثامن – كلهم أطفال طبيعية وكلهم سيتعلمون بالنهاية. الطبيعي أن يبدي طفل الاهتمام بالعمليات الحسابية، مثلاً، ولا يبدو مهتماً بالقراءة. قد يهتم طفل بعلم النبات وعلم الحيوان والتجارب العلمية، قبل أن يهتم بجدول الضرب، كمثال آخر.

دوركم كقادة للعملية التعليمية هي التسلح بالعلم والوعي لمحاربة ضغوط المجتمع. واجبكم هو توفير بيئة غنية بالتجارب والخبرات الحسية لتساعد الطفل على التساؤل والاستكشاف، ومن ثم، الرغبة في التعلم.

سوء استخدام المونتيسوري

تشترك الكثير من الأسر المعلمة منزلياً في كورسات المونتيسوري التي أقدمها ليتعلموا الفلسفة، وليكون لديهم “منهج” يتبعونه في تعليم أطفالهم في المراحل المختلفة. بالفعل يقدم المونتيسوري التعليم الأكاديمي للطفل بداية من عامه الثالث، ويعده لتقبله من الميلاد.

حقيقي أن المونتيسوري لمرحلة 3-6، يقدم التاريخ والجغرافيا وعلم النبات وعلم الحيوان والتجارب العملية تحت فرع الثقافة والعلوم، ويقدم الكتابة والقراءة (بهذا الترتيب)، ويقدم العمليات الحسابية والأرقام حتى الآلاف!

لكن الخطأ الأول الذي تقع فيه الأسر المعلمة منزلياً هو تجاهل الكم الهائل من أنشطة الحياة العملية والتعامل معها على أنها تضييع للوقت. كذلك تجاهل أهمية اللعب التخيلي واللعب الحر والتعامل معه على أنه “هبل”.

تجاهل أهمية اللعب التخيلي واللعب الحر
التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية

الأسوأ هو تجاهل الركن الأساسي في المونتيسوري لمرحلة الطفولة المبكرة – الأنشطة الحسية! تلك الأنشطة التي تساعد الطفل على تنقيح حواسه المختلفة لينجح في التعليم الأكاديمي! من خلال هذه الأنشطة يجهز الطفل حواسه لاستقبال المعلومات المختلفة مثل شكل الحروف والأرقام والتمييز بينهم، الطول والوزن والكتلة، الألوان ودرجاتها، ملمس الأشياء المختلفة، درجات حرارة الأسطح، الروائح، الأصوات، بدايات علم الهندسة والمثلثات، وغيرها من الأنشطة الهامة قبل التعليم الأكاديمي.

الأكثر سوءاً هو تناسي دور أدوات المونتيسوري بخصائصها الأصلية (العدد، الطول، الوزن، اللون، الخامة، الصيانة والجمال) في تعليم الطفل كل ما هو مبهم ورمزي ومجرد بطريقة ممتعة من خلال تفاعل الحواس مع الأدوات.

أما الأسوأ على الإطلاق فهو تجاهل المراحل الحساسة! يعبر الطفل عن رغبته واستعداده لتعلم درس ما من خلال هذه المراحل الحساسة. بدلاً من اتباعها، نجد البعض يعلمون الطفل وفقاً لأجندتهم الشخصية ومنظورهم “للمهم”!

تجاهل المراحل الحساسة! يعبر الطفل عن رغبته واستعداده لتعلم درس ما من خلال هذه المراحل الحساسة

ممارسة الرياضة

كل يوم بدعة جديدة! تعليم الطفل السباحة من الشهر السادس! تدريب الطفل على كيت من العام الثاني! دخول بطولة كذا من العام الثالث!

لا تمت أي من هذه البدع بأي صلة لممارسة الرياضة بطريقة صحية وسليمة! في أعوامه الأولى، يحتاج الطفل أن يختبر أي شيء وكل شيء في حضن أهله! ينزل الماء و”يبلبط” مع أمه أو أبيه! يجري حولهما! يتسلق الأشجار بمساعدتهما! يحفر الأنفاق ويبني القلاع معهما!

أما ممارسة الرياضة المنتظمة تحتاج أن يكون لدى الطفل القدرة على اتباع الأوامر والتعليمات، ثم الرغبة في استكشاف هذه الرياضة! في هذه المرحلة، من الطبيعي أن يجرب الطفل العديد من الرياضات وينصرف عنها! المهم أنه يتحرك وينمو وسعيد!

ممارسة الرياضة المنتظمة تحتاج أن يكون لدى الطفل القدرة على اتباع الأوامر والتعليمات
التعليم المنزلي: أخطاء بحسن نية

تحويل رغبة الطفل في استكشاف رياضة ما إلى مشروع بطل قومي خطأ مرعب! لا يوجد أي سبب سوى “الفشخرة” لتعريض طفل طبيعي للضغط والألم النفسي والألم الجسدي المصاحب “للمشروع”. نسبة ضئيلة جداً من البشر موهوبة رياضياً ولديها المؤهلات الجسدية والنفسية والوراثية لتحقيق البطولات! سائر البشر يمارسون الرياضة من أجل المتعة والصحة البدنية والنفسية!

أود أن أنوه أنه في رحلتي مع آدم، بدأنا تدريب الجمباز المنظم ثلاث مرات في الأسبوع منذ العام الثالث لأسباب طبية! كان التدريب مع مدرب خاص لديه ماجستير في العلاج الطبيعي. كانت التدريبات بديلاً لجلسات العلاج الطبيعي وكان الهدف الأساسي تقوية الجذع وتصحيح القامة والتوازن، ليتمكن من السير دون أن يقع … القفز … الجري … وغيرها من المهارات. كانت مرحلة عصيبة!

أما بالنسبة لرياضة التنس، فكانت من اختياره ورغبته الحرة في عمر السادسة، والسباحة كانت برغبته في عمر السابعة.

الجدول

أكبر ميزة في التعليم المنزلي، بعد قيادة العملية التعليمية، هي المرونة! للأسف هناك من لا يستغلون مرونة الوقت والمنهج واليوم ككل في حياة الطفل المتعلم منزلياً. لقد تحدثت بالتفصيل عن المدة المتوقع أن يقضيها الطفل في التعليم الأكاديمي كل يوم هنا.

الخطأ الآخر المتعلق بوضع الجداول هو الإصرار على ملء يوم الطفل بالدروس والأنشطة والخطط. يحتاج كل الأطفال “للفراغ” في حياتهم! في هذا الفراغ يستكشفون أنفسهم، يطورون مهاراتهم، يتقنون مهارة التعلم الحر والتعلم الذاتي، ويتعلمون التعايش مع أنفسهم بدون الشعور بالوحدة!

هناك أيضاً من يظنون أن التعليم المنزلي هو مدرسة في المنزل. يبدأ يوم الطفل في الساعة كذا! لديه حصة كيت تتلوها حصة كذا، يأكل الساعة كذا، تنتهي الحصص بعد ست أو سبع أو ثماني ساعات، ثم يقضي باقي اليوم حتى ينام في الواجبات والقراءة! أرجوكم توقفوا!

كارثة الكوارث يصنعها من يريدون كل شيء! في الصباح يذهب الطفل للحضانة أو المدرسة أو بيئة من بيئات التعليم البديل. ثم يعود ليجد أنشطة المونتيسوري وأنشطة تنمية المهارات في انتظاره! ما هذا؟! لا يوجد إنسان طبيعي يمكنه أن يتحمل هذه الحياة، فما بالكم بالأطفال!

عدم المتابعة

ترك الحبل على الغارب ليس مرادف احترام الطفل وقدراته ونموه! عدم متابعة الطفل ودروسه وأدائه خاصة في أول عشرة أعوام لن يعلم الطفل الاستقلال. سيتعلم أن التعليم ليس مهماً، وأن الدروس أعباء، وأنك غير مهتم بالموضوع. بالتالي، سيكون تعامل الطفل مع الدروس والمدرسين والواجبات بشكل من أشكال البلادة والإهمال وعدم الاهتمام.

أنصحكم بمشاهدة هذا الفيديو.

سيكون تعامل الطفل مع الدروس والمدرسين والواجبات بشكل من أشكال البلادة والإهمال وعدم الاهتمام.

المتابعة الاعتمادية

تحضر الأم كل دروس الطفل، تقوم هي بإعداد كل الأدوات، وأثناء الدرس تقوم هي بكل الأنشطة من قص ولصق وتلوين – يتعلم الطفل الاعتماد على الأم أو الأب، حتى لو تعلم الدرس المشروح أمامه.

مروة رخا تكتب لمصر العربية: كيف يبدأ الطفل في تحمل مسئولية نفسه؟

المنافسة والمقارنة

المنافسة بين الطفل وزملائه في بيئة التعليم المنزلي الصحية لا يجب أن يشجعها الأهل أو المدرسين. كذلك المقارنة بين الطفل وأخوته أثناء الدروس أو خارجها، لن تفيد أيهم!

الأسوأ هو المنافسة بين الطفل والأم التي تحضر معه الدروس لأن الطفل سيقارن بين ذاكرته وذاكرتها، قدراته وقدراتها، تلوينه وتلوينها، النشاط الذي صنعه والنشاط الذي صنعته!

لقد أدركت هذا الخطأ والخطأ الذي يسبقه وتداركتهما عندما أتم آدم عامه العاشر! في رحلة التعليم المنزلي، لم يكن آدم هو طالب العلم الوحيد! أنا أيضاً كنت طالبة علم. كنت أتصالح مع طفولتي ومع تجربتي البائسة في التعليم. لم أكن أحضر دروس آدم فقط لأقدم له الدعم والقدوة، لقد كنت أحضر لأني كنت أتعلم! كنت أطبع نسختين من كل الأنشطة وأسأل وأجيب وكأنني طفلة!

من أجل مصلحة آدم، منعت نفسي! مهما كان الدرس شيقاً أو الموضوع جديداً، لم أعد أحضر معه! أصبحت أطلب منه أن يشرح لي الدرس! أترك له الفرصة لعرض الأنشطة أمامي! أطرح أسئلتي عليه! لاحظت أنني أبدو وكأنني أختبره، فغيرت من طريقتي.

غياب القدوة

منذ بدايات مقالاتي في المونتيسوري والتربية، وأنا أكرر أن الطفل لا يتعلم بالتوجيه أو الكلام أو القصص. يتعلم الطفل بالملاحظة وبامتصاص الرسائل المشفرة في بيئته. لن يتعلم الطفل الالتزام والانضباط في بيئة تفقر إليهما. في بيئة التعليم المنزلي خاصة، تأثير الأهل أكبر من أي مؤثر آخر – وهي ميزة يجب استغلالها ليمتص منكم الطفل تلك المهارات والعادات التي تتمنوها له.

كونوا التغيير الذي ترغبونه في المجتمع! الشخص الذي تتمنون أن يكونه طفلكم! الأخلاق! كونوا القدوة! الوعي! كونوا قدر المسؤولية! إنها رحلة التعليم المنزلي؛ شعرات رفيعة بين الصواب والخطأ!

 

من هي مروة رخا؟
مروة رخا: موجهة مونتيسوري معتمدة دولياً من الميلاد حتى 12 عام. Marwa Rakha: Internationally certified Montessori educator from birth to 12 years.

بدأت “مروة رخا” رحلتها مع “نهج وفلسفة المونتيسوري” في نهاية عام 2011 بقراءة كتب “د. ماريا مونتيسوري” عن الطفل والبيئة الغنية التي يحتاجها لينمو ويزدهر. تلت القراءة الحرة دراسة متعمقة للفلسفة والمنهج مع مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري

“North American Montessori Center”